المنتظر من لقاء الشرع بالملك... الحوارات يوضح لـ"أخبار الأردن"
قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر حوارات إن الزيارة الأولى التي يقوم بها الشرع إلى الأردن منذ توليه زمام السلطة، تكتسب أهمية استثنائية على مستويات متعددة، بالنظر إلى ما تحمله من دلالات سياسية واستراتيجية قد تؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الزيارة في سياق محمّل بتحديات تراكمت على مدار سنوات من التوتر والتباعد، الأمر الذي يجعلها بمثابة نقطة انعطاف قد تسهم في إعادة رسم ملامح التعاون المشترك بين الأردن وسوريا.
وبيّن الحوارات أن هناك مجموعة من القضايا الحيوية التي يُتوقع أن تُطرح على طاولة المباحثات، في مقدمتها ملف الأمن الحدودي الذي يحظى بأولوية قصوى في ضوء الحدود المشتركة الطويلة بين البلدين، وما شهدته تلك الحدود من أنشطة غير مشروعة على مدى السنوات الماضية، شملت عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، فضلاً عن تسلل الميليشيات المسلحة، ما جعل الأردن يعاني تداعيات أمنية خطيرة.
وفي ظل استمرار هذه التحديات الأمنية، بل وربما تفاقمها في بعض المناطق، فإن الشرع، الذي يقود حكومة انتقالية في مرحلة بالغة الحساسية، قد يجد نفسه مدفوعًا إلى تقديم ضمانات حقيقية وملموسة للأردن فيما يخص ضبط الأوضاع في المناطق الحدودية، بما يُعزز الثقة المتبادلة ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الأمني، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأشار الحوارات إلى أن ملف اللاجئين السوريين يبرز كأحد المحاور الرئيسية التي تتطلب معالجة جذرية وشاملة، حيث يُتوقع أن يُلحّ الأردن على ضرورة بلورة خطط واقعية ومحددة لعودة طوعية وآمنة لهؤلاء اللاجئين، وهو أمر يستلزم تنسيقًا دقيقًا مع الحكومة السورية لضمان استقرار الداخل السوري أولًا، ومن ثم تأمين عودة منظمة ومستقرة للاجئين، مضيفًا أن هذا الملف، بطبيعة الحال، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمساعي الأردن الدؤوبة للحصول على دعم دولي يخفف من الأعباء الاقتصادية التي أرهقت كاهله جراء استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
وتوقع أن يتناول الجانبان أيضًا العلاقات الاقتصادية والتجارية التي لطالما شكلت رافدًا مهمًا للتعاون بين البلدين، حيث كانت هذه العلاقات مزدهرة قبل عام 2011، قبل أن تُصاب بنكسة كبيرة نتيجة الأزمة السورية وما تبعها من تعقيدات حالت دون استمرار انسياب حركة البضائع بالسهولة المنشودة، وعليه، فإن الأردن يسعى اليوم إلى إعادة تفعيل هذه العلاقات عبر إبرام اتفاقيات ثنائية تُفضي إلى تسهيل عبور السلع الأردنية عبر الأراضي السورية، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الأردني، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى تحفيز النمو الاقتصادي.
ورأى الحوارات أنه من المتوقع أن تمتد النقاشات لتشمل ملف إعادة الإعمار في سوريا، وهو مجال يمكن للأردن أن يلعب فيه دورًا محوريًا بالنظر إلى موقعه الجغرافي وخبراته الاقتصادية.
ولفت الانتباه إلى أن هذه الزيارة مرشحة لأن تتخذ طابعًا براغماتيًا يسعى إلى تحقيق المصالح المشتركة بعيدًا عن التجاذبات الأيديولوجية التي أثقلت كاهل العلاقات في الماضي، وبينما يتبنى الأردن نهجًا يجمع بين الحذر والانفتاح إزاء سوريا، يسعى الشرع إلى ترسيخ شرعية حكومته عبر بناء شبكة علاقات خارجية متينة، تُظهر سوريا شريكًا يوثق به، لا سيما مع دول الجوار وفي مقدمتها الأردن.
ومن المُرجَّح أن تتمخض هذه الزيارة عن تصريحات إيجابية تعبّر عن رغبة مشتركة في تعزيز التعاون المستقبلي، وقد تشمل إعلانات مبدئية عن مشاريع مشتركة أو تفاهمات أمنية تمثل خطوة أولى على طريق إعادة بناء الثقة، بيد أن التحديات ستظل قائمة دون شك، نظرًا لاستمرار حالة عدم الاستقرار الداخلي في سوريا، وما يتطلبه ترميم هذه الثقة من وقت وجهود مضنية، وفقًا لما قاله الحوارات.
واستطرد قائلًا إن هذه الزيارة قد لا تُسفر عن قرارات فورية وحاسمة، إلا أنها ستمهّد، بلا شك، لوضع أسس راسخة لعلاقات أكثر استقرارًا على المدى البعيد، علاقات تستند إلى المصالح المشتركة وتسعى إلى تجاوز الخلافات الأيديولوجية التي أفرزتها سنوات الصراع، مشيرًا إلى أن هذا اللقاء سيترك انطباعًا إيجابيًا ومثمرًا، مع نتائج آنية ملموسة وأخرى متوسطة الأمد، فضلًا عن انعكاسات استراتيجية بعيدة المدى، تبقى جميعها رهنًا بقدرة سوريا على استعادة استقرارها السياسي والاقتصادي، بما يُعيد لهذا البلد مكانته الطبيعية بعد سنوات من الحرب والصراع.

