"صنع في الأردن" تغري أوروبا... عايش يوضح لـ"أخبار الأردن"

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن اتفاقيات التجارة الحرة تتيح للأردن منفذًا استراتيجيًا لتصدير منتجاته إلى الأسواق الخارجية، لا سيما تلك التي تفرض قيودًا صارمة على التجارة مع المملكة، سواء أكان ذلك في سياق العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية أم في إطار التبادل الاقتصادي مع دول الاتحاد الأوروبي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الاتفاقيات تفتح آفاقًا رحبة أمام المنتجات الأردنية للوصول إلى تلك الأسواق، مضيفًا أن المفارقة الجلية تتبدى عند إجراء مقاربة تحليلية بين الاتفاقية الأردنية - الأمريكية ونظيرتها الأردنية - الأوروبية؛ إذ يُلحظ أن الأولى تُسجل فائضًا لصالح الصادرات الأردنية إلى السوق الأمريكية، ويُعزى ذلك، في المقام الأول، إلى صادرات المناطق الصناعية المؤهلة، والتي شكلت رافعة نوعية لتعزيز حجم الصادرات الأردنية، مفضيةً إلى تحقيق فائض في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة.

في المقابل، يبرز اختلال واضح في الميزان التجاري بين الأردن والاتحاد الأوروبي، حيث تميل الكفة لصالح الكتلة الأوروبية، فالمملكة تستورد سلعًا بقيمة تصل إلى 3.5 مليار دينار سنويًا، فيما لا تتجاوز صادراتها إلى دول الاتحاد حاجز 350 إلى 400 مليون دينار، مما يُعمّق الهوة التجارية بين الجانبين، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأشار إلى أنّ قواعد المنشأ الأوروبية تتسم بدرجة عالية من التعقيد والتشدد، الأمر الذي يُضفي مزيدًا من التحديات أمام المنتجات الأردنية، ويُقلص من قدرتها التنافسية لدخول أسواق الاتحاد، ويُفاقم هذه المعضلة حالة التكامل الاقتصادي البيني بين دول الاتحاد الأوروبي؛ فعلى سبيل المثال، بلغت صادرات دول الاتحاد، خلال عام 2023، ما يربو على 10.66 تريليون يورو، منها ما يزيد على 4 تريليونات يورو تبادل تجاري بيني، بينما قُدرت الصادرات إلى خارج الاتحاد بنحو 2.6 تريليون يورو، أما المستوردات، فقد بلغت قيمتها الإجمالية 6.5 تريليون يورو، منها 4 تريليونات يورو تعاملات تجارية داخلية بين دول الاتحاد، و2.5 تريليون يورو مستوردات من خارج الاتحاد، وهذا التداخل الإنتاجي يجعل من دول الاتحاد شبه مكتفية ذاتيًا، ما يُعزز قدرتها على تحقيق الأمن الاقتصادي الذاتي.

وذكر عايش أن دول الاتحاد الأوروبي تمتاز بتنوع قاعدتها الإنتاجية، سواء على المستوى الزراعي، أو الصناعي، أو التقني، أو التكنولوجي، أو حتى على صعيد قطاع الطاقة، ما يُفاقم صعوبة النفاذ إلى أسواقها، كما يُلقي الدعم الكبير الذي تقدمه دول الاتحاد لقطاعها الزراعي بظلاله على فرص المنتجات الزراعية الأردنية، رغم أن بعض المنتجات الزراعية والخضار والفواكه الأردنية تجد لها موطئ قدم في تلك الأسواق، شريطة استيفائها المواصفات القياسية الأوروبية الصارمة.

استطرادًا لما سبق، فإن هذه المعطيات تُملي على الأردن ضرورة إعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة، بحيث تأخذ في الاعتبار القدرات الإنتاجية الوطنية، سواء على مستوى الصناعة أو الزراعة أو التكنولوجيا، وعليه، يُستحسن أن تتضمن هذه الاتفاقيات تيسيرات تتعلق بقواعد المنشأ، ورسوم جمركية مُخففة، تضمن انسيابية الصادرات الأردنية إلى تلك الأسواق، مع اعتماد منهجية تدرجية تهدف إلى رفع مستوى الجودة والمواصفات القياسية للمنتجات الأردنية، لتتواءم مع معايير الأسواق الأوروبية وغيرها.

ولفت عايش الانتباه إلى أن تحسين جودة المنتجات الأردنية لا يقتصر أثره على تحقيق منفعة اقتصادية مباشرة فحسب، فهو يتعداه إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الاتحاد الأوروبي، ذلك أن الاتحاد يُعد ثاني أكبر مانح للأردن بعد الولايات المتحدة، وقد أسهمت هذه العلاقات في توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين، والتي باركها جلالة الملك، متضمنةً بروتوكولًا تنفيذيًا للفترة 2025-2027، ينص على تقديم مساعدات واستثمارات بقيمة 3 مليارات يورو، منها 600 مليون يورو لدعم الخزينة، ومليار يورو لدعم الاقتصاد، بينما يُخصص ما تبقى للاستثمار المباشر.

وتابع قائلا إن الكرة، في نهاية المطاف، تُلقى في ملعب الأردن، إذ بات لزامًا على الجهات المعنية العمل على تطوير القدرات الإنتاجية، ورفع كفاءة الصناعات الوطنية، والارتقاء بجودة المنتجات الزراعية، بما يُمكنها من النفاذ إلى الأسواق الأوروبية والدولية.

وأكد عايش ضرورة إجراء مراجعة دورية لاتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع مختلف الدول والتكتلات الاقتصادية، بغية الوقوف على مكامن الخلل، واستخلاص الدروس المستفادة، بما يُفضي إلى تعظيم الفرص التجارية المتاحة أمام المنتجات الأردنية، وتعزيز تنافسيتها، ويقتضي هذا المسعى تهيئة البيئة الداخلية المُحفزة، من خلال معالجة الأسباب البنيوية المؤدية إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعلى رأسها الضرائب، وأثمان الطاقة، وأسعار الفائدة، إذ إن استمرار هذه العوامل من شأنه أن يُبقي المنتجات الأردنية في دائرة التنافسية المحدودة، ما يُقوض فرص اختراق الأسواق الأوروبية والعالمية.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية