العياصرة لـ"أخبار الأردن": تفعيل دولة المؤسسات وسيادة القانون لتخطي مرحلة حساسة
قال المحلل السياسيّ الدكتور رامي العياصرة إن المرحلة الراهنة التي يمر بها الأردن تكتسي طابعًا مفصليًا، يفرض – دون مواربة – ضرورة استنفار الطاقات الوطنية، وتضافر جهود كافة المكونات السياسية والاجتماعية، بما يرسّخ التماسك الداخلي، ويغلق أي منافذ قد تُستغل للنيل من أمن الوطن واستقراره.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن استقراء طبيعة التحديات الإقليمية، وما يكتنفها من تهديدات استراتيجية، يجعل الالتفات الجاد إلى الوضع الداخلي الأردني ضرورة قصوى، بوصفه حجر الأساس، والركيزة التي تستند إليها قوة الدولة الأردنية، ونظامها السياسي، مضيفًا أن الجبهة الداخلية المتماسكة تمثل رأس المال الوطني الحقيقي، الذي يمكّن الدولة من امتلاك أدوات المواجهة والصمود، في وجه أي مخططات تستهدف الأردن في ذاته، أو تسعى لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه.
وبيّن العياصرة أن ما يتبدّى من تهديداتٍ، يقف في مقدمتها تصاعد نزعة التطرف في أوساط اليمين الإسرائيلي، ومساعيه الحثيثة لفرض منطق التصفية والتهجير، وترسيخ وهم "الوطن البديل"، تزامنًا مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية، بكل ما يحمله ذلك من تداعيات على الإقليم، يغدو من المُلح أن تتخذ الدولة الأردنية خطوات نوعية، تُعيد صياغة العلاقة مع المواطن على قاعدة المصارحة والشفافية.
ونوّه إلى أن استعادة ثقة المواطن الأردني في الخطاب الرسمي، وتقديم سردية وطنية متماسكة، تتماهى مع هواجسه، وتُطلعه بوضوح على طبيعة التحديات الراهنة، باتت ضرورة استراتيجية، تسبق أي حديث عن مواجهة الخارج، فالمعركة الحقيقية تبدأ من الداخل، حيث يصبح كل مواطن شريكًا أصيلًا في حماية أمن الوطن، ودرعًا صلبًا في وجه أي محاولات اختراق أو إرباك.
ولفت العياصرة الانتباه إلى أنه لا يمكن تجاهل الإشارات الرسمية المتزايدة إلى وجود جهاتٍ داخليةٍ، تتحرك وفق أجنداتٍ خارجية، وتعمل – بتوجيهٍ من قوى إقليمية أو دولية – على تقويض الصف الوطني، مضيفًا أن هذه المسألة، بما تحمله من خطورة بالغة، تمسُّ جوهر الأمن الوطني، وتتطلب من الدولة انتهاج نهج المكاشفة، بحيث يكون الرأي العام على بيّنة من حجم الاختراقات، مع ضرورة أن يتم التعامل مع هذه الجهات – متى ثبت تورطها – وفقًا لأحكام القانون والدستور.
وهنا، تبرز أهمية التمسك بقاعدة أن الأردن دولة مؤسسات، ودولة قانون، ترسّخت على مدار عقود كدولةٍ راسخةٍ في بنيانها الدستوري، لا تقبل المساومة على أمنها، ولا تسمح بتسلل أصحاب المشاريع المشبوهة إلى فضائها السياسي أو الاجتماعي، وعليه، فإن كل من تُثبت التحقيقات ضلوعه في تنفيذ إملاءاتٍ خارجية، أو التآمر على استقرار الوطن، يجب أن يُحال إلى القضاء العادل، لينال جزاءه وفقًا لما يقتضيه القانون، وفقًا لما صرّح به العياصرة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
غير أن ذلك، وإن كان ركنًا أساسيًا، لا يغني عن واجب سدّ الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها أولئك المتربصون، وهذا يشمل – على وجه الخصوص – تعزيز المناعة الوطنية، عبر منع كل محاولات توهين الجبهة الداخلية، والتصدي لأي اختراق يسمح لتلك الجهات بأن تتسلل إلى المشهد الوطني، سواء عبر مؤسسات رسمية، أو منابر غير رسمية.
واختتم العياصرة حديثه بالقول إن هذه المرحلة الدقيقة تفرض على الدولة، بمؤسساتها كافة، أن تتعاطى مع هذا الملف الحساس بشفافية مطلقة، ووضوح تام، بما يعزز شعور المواطن بأن أمن الوطن واستقراره قضية مشتركة، وأن الحفاظ على منجزات الدولة مسؤولية جماعية، قوامها الثقة، ومرتكزها سيادة القانون، وغايتها بقاء الأردن عصيًا على كل محاولات الاختراق والتشكيك.

