"مش عيب عليهم"... درس الملك لمرتدي الأقنعة
قال العميد المتقاعد من المخابرات العامة، قاسم العواقلة، إن جلالة الملك حسم الموقف بوضوح قاطع، فلم يترك مجالًا للمزايدات أو التأويلات، بل كشف بجرأة لا تعرف المهادنة حقيقة أولئك الذين استبدلوا بوصلتهم الوطنية بمصالح مدفوعة الأثمان، فانكشفت الأقنعة وسقط المتخاذلون في مستنقع الارتهان والتشكيك والتضليل.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه بات من العجيب أن يُخوّن الصادق في زمن عزّ فيه الوفاء، وأن يُرمى بالضعف من يحمل راية أمته ويقف سدًا منيعًا في وجه المؤامرات، فكيف أصبح الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي تشكل جوهر النضال العربي، موضع تهمة، بينما تحوّل المتخاذلون إلى منظّرين يتشدقون بالمقاومة وهم أول من تواطأ على تصفيتها؟، مستطردًا: أي عبث هذا الذي بلغته بعض النخب التي تُمعن في الانحدار الأخلاقي والفكري، حتى باتت تروج للأكاذيب التي تنسجها دوائر معادية، بهدف زعزعة المواقف الصلبة وتشويه الحقائق الراسخة؟.
ولفت العواقلة الانتباه إلى أن ما يثير الدهشة هو ذلك الاستعداد العجيب لتضحية البعض بسيادة أوطانهم والتآمر عليها تحت ذرائع زائفة لا تستند إلى منطق أو وعي سياسي حقيقي، وكأننا أمام استعادة مشوّهة لفصول التاريخ، حيث كذّب كفار قريش أعينهم عندما شقّ رسول الله ﷺ القمر أمامهم، وبدل أن يواجهوا الحقيقة، فرّوا إلى يهود المدينة بحثًا عن فتوى تؤيد إنكارهم، فاستبدلوا الحقد بالحق والضلال باليقين.
واليوم، يتكرر المشهد بأشكال أخرى، حين نجد من يشكك بمواقف الدول التي حملت على عاتقها نصرة القضية الفلسطينية، في الوقت الذي يتعامى فيه عن الدور الحقيقي لأولئك الذين لم يتورعوا عن التآمر على فلسطين وأهلها، ثم تلبّسوا قناع المقاومة زيفًا وخداعًا، ليصبح المشهد أكثر سخافة حين يُعاد تعريف التخاذل على أنه بطولة، بينما يصبح الثبات على الموقف خيانة!، وفقًا لما صرّح به العواقلة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه إلى أن الرسالة التي وجهها جلالة الملك خلال لقائه بالمتقاعدين العسكريين، ينظر إليها على أنها أكثر من مجرد خطاب سياسي عابر، ذلك أنها إعلان استراتيجي يعيد التأكيد على الثوابت الأردنية الراسخة، التي لا تقبل المساومة تحت أي ظرف، ولا تخضع للضغوط، مهما اشتدت التحديات، ولأن المعركة على فلسطين لم تعد تقتصر على البعد السياسي، وامتدت إلى محاولة إعادة رسم الخريطة الديمغرافية عبر مشاريع التهجير والتوطين، جاء حديث جلالته واضحًا لا يقبل التأويل، حين أكد أن الأردن، بقيادته وجيشه وأجهزته الأمنية وشعبه، لن يسمح بأي شكل من الأشكال بتمرير مخططات تستهدف الهوية الوطنية الفلسطينية، أو تسعى إلى تقويض الحق الفلسطيني تحت أي مسمى كان.
وعندما أشار جلالته إلى ارتداء "الفوتيك"، فقد كان ذلك بمثابة رسالة تحمل في طياتها أبعادًا عسكرية وسياسية عميقة، تؤكد أن الأردن جزءًا من معادلة صراع وجودي، يدرك مخاطره، ويعي أبعاده، ويستعد لكل السيناريوهات الممكنة، حتى لو تطلب الأمر خوض معركة الدفاع عن الحقوق والمبادئ بصلابة غير قابلة للمساومة.
وذكر العواقلة أن الثقة الملكية بالمؤسسة العسكرية والأمنية هي إيمان راسخ بأن الجيش والأجهزة الأمنية يشكلون الدرع الحامي لهذا الموقف الوطني، وهم القوة الصلبة التي ستتصدى لأي محاولة تستهدف الأردن أو فلسطين أو أمن المنطقة ككل.
ومن هنا، لم يكن تعبير جلالته "عيب عليكم" مجرد توبيخ عابر، وإنما صرخة حق في وجه كل من سوّلت له نفسه التشكيك بالمواقف المبدئية، وصفعة قوية في وجه أولئك الذين يظنون أن بإمكانهم زعزعة هذه الثوابت عبر أبواق مأجورة وأجندات مكشوفة، متناسين أن الأردن، بقيادته وشعبه، كان وسيبقى في مقدمة الصفوف، لا يتراجع ولا يهادن، ولا يسمح بأن تُفرض عليه إملاءات تتعارض مع مصلحته الوطنية ومع الحق الفلسطيني الذي كان وما زال جزءًا أصيلًا من عقيدته السياسية والتاريخية، كما قال العواقلة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه إلى أن موقف الملك بمثابة إعادة ضبط للبوصلة في زمن اختلطت فيه الأوراق، حيث أعاد تعريف الثبات في مواجهة الضغوط، وجعل من الوضوح السياسي استراتيجية لا تقبل الالتباس، أما أولئك الذين يحاولون التشكيك، فإن الزمن كفيل بكشف حقيقتهم، وسيبقى الأردن، بموقفه الراسخ، الحصن المنيع في وجه كل هذه المخططات، مهما تعددت وجوهها وتنوعت أساليبها.

