غنيمات: رسائل الحسم السياسي للملك لافتة وجادة
قال المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، الصحفي طلال غنيمات، إن الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية يظل نموذجًا للاستقلالية السياسية والتماسك الوطني، حيث يرتكز على ثوابت راسخة غير قابلة للمساومة.
وأوضح لدى حديثه لإذاعة "عمّان" أن من بين أبرز القضايا المطروحة على الساحة اليوم، تأتي المحاولات المتكررة لفرض واقع جديد يقوم على تهجير الأشقاء الفلسطينيين من أرضهم، وهو أمر يواجه برفض أردني قاطع، ينطلق من منظومة متكاملة من المبادئ الدبلوماسية، والسيادية، والقومية.
وبيّن غنيمات أن الأردن يستند، قيادةً وشعبًا، إلى رؤية سياسية ثابتة، تتجذر في مبادئ الحق التاريخي والقانون الدولي، وهو ما يتجلى بوضوح في التصريحات والمواقف الرسمية التي ترى في أي محاولة لفرض سيناريو التهجير، سواء من قطاع غزة أو الضفة الغربية، تهديدًا وجوديًا للحق الفلسطيني، وللأمن القومي الأردني، مضيفًا أن الرفض الأردني يتجلى في حراك سياسي نشط تقوده الدبلوماسية الأردنية، المدعومة بتأييد شعبي واسع، ضمن استراتيجية تهدف إلى قطع الطريق أمام أي مشاريع تستهدف إعادة تشكيل الخارطة الديموغرافية والسياسية للمنطقة.
ولفت الانتباه إلى أن أحد أبرز ملامح المشهد الأردني في هذه المرحلة يتمثل في الالتفاف الشعبي العريض حول القيادة الهاشمية في رفض أي مخططات من شأنها النيل من الحق الفلسطيني أو المساس بالسيادة الأردنية، فقد شهدت مختلف محافظات المملكة خلال الأيام الماضية حراكًا جماهيريًا واسعًا، جسّد حالة من التوافق الوطني الراسخ، وأظهر أن الموقف انعكاس لرؤية مجتمعية شاملة، ليعكس هذا الحراك الشعبي وعيًا سياسيًا متقدمًا، مدعومًا بإدراك عميق لحجم التهديدات المحدقة بالمنطقة، وأهمية صون الثوابت الوطنية في وجه أي محاولات لإعادة تشكيل المعادلة الإقليمية.
وأشار غنيمات إلى أنه لا يمكن النظر إلى الموقف الأردني بمعزل عن السياق الدولي والإقليمي، حيث تتقاطع هذه القضية مع حسابات القوى الكبرى، وتوازنات القوى الفاعلة في المنطقة، إذ من الواضح أن التحولات الأخيرة في الخطاب السياسي الأمريكي، وما أظهرته بعض الأوساط الغربية من انحياز ضمني نحو تبني مقترحات إعادة توطين الفلسطينيين، تمثل تحديًا حقيقيًا للأردن، الذي يجد نفسه أمام معركة دبلوماسية معقدة تتطلب أدوات تفاوضية دقيقة واستراتيجيات متعددة الأبعاد، ومن هذا المنطلق، فإن اللقاءات التي يجريها جلالة الملك مع القيادات الدولية، وآخرها اللقاء في واشنطن، تكتسب أهمية استثنائية في إعادة صياغة المعادلة السياسية وفق رؤية تخدم المصالح الوطنية الأردنية، وتحمي الحقوق الفلسطينية من محاولات التصفية أو الالتفاف عليها.
إضافةً إلى الحراك السياسي والدبلوماسي، برز مؤخرًا تطور نوعي في التعاطي الأردني مع هذا الملف، تمثل في تقديم مجموعة من النواب مشروع قانون يهدف إلى تحصين الموقف الرسمي والشعبي من خلال تشريع يحظر استقبال أي موجات تهجير قسري للفلسطينيين، وهذه الخطوة، التي تعكس نضجًا تشريعيًا لافتًا، تعزز مناعة الدولة في مواجهة الضغوط المحتملة، وتبعث برسالة واضحة بأن الموقف الأردني ليس خاضعًا للمساومات أو التغيرات المرحلية، بل هو موقف مؤسساتي متجذر في البنية السياسية والقانونية للدولة، وفقًا لما صرّح به.
واستطرد غنيمات قائلًا إن القراءة المتأنية للموقف الأردني تكشف عن سياسة متكاملة تقوم على الرفض القاطع لمشاريع التهجير، وتعزيز الصمود الفلسطيني، وتحقيق التوازن في التحركات الدبلوماسية، إلى جانب تحصين الجبهة الداخلية وتوظيف كافة الأدوات القانونية والتشريعية لحماية المصالح الوطنية، ومع استمرار الأردن في أداء دوره التاريخي مدافعًا عن الحقوق الفلسطينية، يبقى الرهان الأكبر على الوعي الشعبي والالتفاف الوطني، باعتبارهما حجر الأساس في معادلة الصمود ومواجهة أي سيناريوهات تهدف إلى تقويض الأمن القومي الأردني أو طمس الحق الفلسطيني المشروع.

