الرواشدة لـ"أخبار الأردن": استحقاقات المرحلة الحاسمة لا يمكن تجاهلها

قال الكاتب الصحفي حسين الرواشدة إننا اليوم أمام مفترق تاريخي تتجلى فيه لحظة حاسمة في مسيرة الدولة الأردنية، وهي لحظة يمكن وصفها بالأكثر خطورة منذ تأسيس الدولة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه في ظل هذا الظرف الاستثنائي، لم يعد استدعاء الماضي، بمظلومياته وتعقيداته، ذا جدوى تُذكر، كما أن التمترس خلف سرديات تاريخية لم يعد خيارًا يليق بمرحلة تتطلب إعادة صياغة الأولويات الوطنية وفق مقاربة عقلانية، تتجاوز الخطاب الانفعالي لصالح منهجية تستند إلى الواقعية السياسية والمسؤولية الوطنية.
ونوّه الرواشدة إلى أن المصلحة العليا للدولة الأردنية، التي يفترض أن تكون القاسم المشترك بين جميع مكوناتها السياسية والاجتماعية، تفرض علينا جميعًا، على اختلاف توجهاتنا ومواقفنا، أن ننتقل من مربع التشخيص إلى ميدان الفعل، غير أن المسؤولية الكبرى في تصحيح المسار لا تقع على عاتق المواطنين وحدهم، فهي مسؤولية ثلاثية الأبعاد، تتحملها طبقة المسؤولين، وطبقة السياسيين، وطبقة رأس المال الوطني.
وأشار إلى أن هؤلاء هم الركائز الأساسية التي ينبغي أن تنهض بمهمة استعادة ثقة الأردنيين بمؤسساتهم، وتدشين لحظة مراجعة جادة، تُفضي إلى هندسة مشروع وطني يعيد ترسيم العلاقة بين الدولة والمجتمع وفق معادلة جديدة قوامها الشفافية والمساءلة والعدالة الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت الرواشدة الانتباه إلى أن إطلاق استدارة حقيقية نحو الداخل، تحت شعار "الأردن أولًا"، بات ضرورة وجودية تفرضها التحولات الإقليمية والدولية، وتعاظم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فالرهان على الخارج لم يعد خيارًا مأمون العواقب، والاعتماد على التطمينات الدبلوماسية لم يعد يغني عن بناء اقتصاد إنتاجي قادر على الصمود، ومن هنا، فإن استنهاض طاقات الدولة والمجتمع يستوجب مقاربةً جديدة، تتجاوز الإجراءات الشكلية إلى قرارات استراتيجية تُعيد رسم الأولويات الوطنية وفق مقتضيات المرحلة، بعيدًا عن منطق التردد أو الحلول المؤقتة.
وأكد ما تقتضيه إن اللحظة الراهنة من إعادة تعريف العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، وتستلزم نهجًا سياسيًا واقتصاديًا يعيد الاعتبار للبعد التنموي، ويضع حدًا لحالة الانفصال بين القرارات المركزية والتوقعات الشعبية، فالأردنيون، الذين تحملوا عبر العقود أعباءً جمّة، لا يطلبون المستحيل، بقدر ما يطالبون بمنظومة حكم رشيدة، توازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات الإصلاح، وتستجيب لاستحقاقات المرحلة بمنطق الدولة القادرة على اجتراح الحلول لا الاكتفاء بإدارة الأزمات.
واختتم الرواشدة حديثه بالقول إن التحدي الذي يواجهنا اليوم اختبار وجودي لقدرة الدولة الأردنية على تجديد ذاتها، واستعادة زمام المبادرة، قبل أن تفرض علينا التغيرات المتسارعة معادلات لم نكن طرفًا في صياغتها.