الرداد لـ"أخبار الأردن": تحولات مربكة بشأن مشروع التهجير

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور عمر الرداد، إن المشهد السياسي الراهن، بتعقيداته المتشابكة وتفاعلاته المتسارعة، يعكس تحولات جوهرية في طبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية.

وأوضح الرداد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن العلاقة بين الطرفين - ومنذ تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة - اتسمت ببرود واضح، إن لم تكن توترًا ضمنيًا متجذرًا في مواقف متباينة، تمتد جذورها إلى ما قبل دخول بايدن البيت الأبيض، ما أسس لمرحلة من الفتور السياسي بين تل أبيب وواشنطن في ظل الإدارة الديمقراطية.

غير أن التطورات الراهنة تعكس مشهدًا مختلفًا تمامًا، إذ نشهد مستوى غير مسبوق من الانسجام، وربما التكامل الاستراتيجي، بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في سياق تلاقي مشروع يميني متطرف داخل إسرائيل، تتجلى ملامحه في تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، مع تيار يميني شعبوي متشدد داخل الولايات المتحدة، يمثله ترامب ومنظومته الأيديولوجية، وفقًا لما صرّح به الرداد لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وبيّن أن أبرز تجليات هذا التقارب تتبدى في التصريحات الأخيرة لترامب، والتي سبقت زيارته المحتملة إلى إسرائيل، حيث أبدى موقفًا داعمًا بشكل مباشر لمشاريع الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، متحدثًا وكأنه ينطق بلسان نتنياهو نفسه، بل وربما بلسان الدولة العبرية بأسرها، مضيفًا أن هذه المقاربة تعكس بوضوح أن الأجندة المشتركة بين الطرفين ليست سطحية أو آنية، ذلك أنها تحمل في طياتها بعدًا استراتيجيًا واسع النطاق، فهي تتمحور، في جوهرها، حول المسألة الفلسطينية، لا سيما ما يتعلق بتداعيات الحرب على غزة، وتحديد مسار المرحلة المقبلة من الصراع.

ولفت الرداد الانتباه إلى أن نتنياهو يواجه حالة من التوتر والاضطراب السياسي، ناجمة عن التحديات التي تعصف بائتلافه الحاكم، ما يدفعه إلى انتهاج سياسات تهدف إلى إحكام السيطرة على مفاصل القرار السياسي والأمني، مضيفًا أن ذلك يتجلى بوضوح في التسريبات الإعلامية الأخيرة المتعلقة بمفاوضات الهدنة، حيث قرر استبعاد رئيسيّ جهاز "الموساد" و"الشاباك"، واستبدلهما بوزير الأمن القومي الإسرائيلي المقرب منه، في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة.

واستطرد قائلًا إن هذه الخطوة لا يمكن قراءتها بمعزل عن رغبة نتنياهو في إحكام قبضته على المسار السياسي لما بعد الحرب، حيث يبدو واضحًا أنه يعتبر المرحلة التفاوضية الأولى، التي شملت تبادل الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين، فضلًا عن الترتيبات الإنسانية والإغاثية في مناطق مثل رفح، مجرد محطة تمهيدية، ليقفز مباشرة إلى المرحلة الأكثر حساسية، والتي تتعلق بإعادة تعريف المعادلة السياسية في غزة، والإجابة عن الأسئلة الكبرى المتعلقة بمستقبل السلطة الفلسطينية، ودور حركة حماس في المعادلة السياسية المقبلة.

وفي هذا الإطار، تتصدر النقاشات الإسرائيلية اليوم مسألة إعادة الإعمار، ومآلات اليوم التالي للحرب، حيث تتداخل الرؤى بين توجهات تسعى إلى إعادة هندسة المشهد السياسي الفلسطيني بما يضمن تحجيم دور حماس، وبين مقاربات ترى ضرورة إعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية، ولو بحدود ضيقة، بهدف إدارة المرحلة الانتقالية في غزة وفق منظور يخدم المصالح الإسرائيلية.

إيران وحزب الله... معضلة الردع والخيارات الاستراتيجية

بالتوازي مع الملف الفلسطيني، أكد الرداد، إدراك نتنياهو بأن أي تحرك سياسي إسرائيلي لا يمكن أن يكون معزولًا عن الديناميكيات الإقليمية، خصوصًا فيما يتعلق بالجبهة الشمالية مع لبنان، والتهديدات المتزايدة التي يمثلها حزب الله، فضلًا عن التحدي الوجودي الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني.

وفي هذا السياق، تشير التسريبات الاستخباراتية الإسرائيلية إلى أن إيران باتت على مشارف امتلاك القدرة على إنتاج قنبلة نووية، وهو تطور استراتيجي بالغ الخطورة يفرض على إسرائيل إعادة تقييم خياراتها، وبناءً على ذلك، فإن لقاء نتنياهو مع ترامب تطرق إلى بحث السيناريوهات المتاحة، والتي تتراوح بين توجيه ضربة عسكرية استباقية للمنشآت النووية الإيرانية، سواء عبر عملية إسرائيلية منفردة أو من خلال شراكة مع الولايات المتحدة، وبين مقاربة أكثر براغماتية تقوم على استكشاف فرص التوصل إلى تفاهمات مع طهران، خصوصًا في ظل المؤشرات التي تفيد بأن القيادة الإيرانية قد أبدت استعدادًا لتقديم تنازلات استراتيجية، بعد الضربات التي تعرض لها ما يُعرف بـ"محور المقاومة" في غزة ولبنان، كما قال الرداد لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

التطبيع العربي – الإسرائيلي ومعادلة الدولة الفلسطينية

على الضفة الأخرى، أشار إلى أنه لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي يلعبه مشروع التطبيع العربي – الإسرائيلي في حسابات كل من نتنياهو وترامب، حيث يُنظر إليه باعتباره أحد الركائز الأساسية في صياغة التوازنات الإقليمية الجديدة، وفي هذا السياق، تبرز المملكة العربية السعودية باعتبارها الحلقة المركزية في هذا المشروع، في ظل اشتراطها الواضح بضرورة تحقيق تقدم جوهري على صعيد إقامة الدولة الفلسطينية، مقابل أي تقدم في العلاقات مع إسرائيل.

إلى أين تتجه التوازنات الإقليمية؟

وأشار إلى أن التحولات الراهنة تعكس بوضوح أن المشهد السياسي في المنطقة يشهد إعادة تشكل جوهرية، حيث تتشابك الملفات بشكل لم يسبق له مثيل، من القضية الفلسطينية وتداعيات الحرب على غزة، إلى المسألة النووية الإيرانية، مرورًا بالمشهد اللبناني والسوري، وصولًا إلى معادلة التطبيع العربي – الإسرائيلي.

وفي ظل هذه التعقيدات، فإن اللقاء بين نتنياهو وترامب، إن حدث، لن يكون مجرد محطة بروتوكولية، لما قد يشكله من لحظة فارقة في إعادة رسم خريطة التفاعلات الإقليمية، في ظل تصاعد التوجهات اليمينية المتطرفة، التي باتت تتحكم بمفاصل القرار في كل من واشنطن وتل أبيب، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة حبلى بالتحولات، وربما بالمفاجآت.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية