الزغول لـ"أخبار الأردن": سوريا أمام محطة مفصلية

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد الزغول إن إعلان النصر في سوريا، وتنصيب أحمد الشرع رئيسًا مؤقتًا، وما تلاه من أول زيارة خارجية، لا ينبغي أن يُنظر إليه بوصفه تتويجًا احتفاليًا لانتصارٍ سياسيٍّ أو حدثًا رمزيًا عابرًا في سياق التحولات الكبرى، وإنما يتعين التعامل معه باعتباره محطة مفصلية تستدعي مراجعة دقيقة لمسار المرحلة السابقة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأوان آن لرسم معالم مرحلة جديدة تتجاوز منطق ردود الأفعال إلى نهج الفعل المؤسسي المدروس، ومن دينامية الاضطراب السياسي إلى استقرار القرار السيادي، ومن إرهاصات البدايات المربكة إلى أفق الدولة المتماسكة ذات الهياكل الراسخة والحوكمة الرشيدة.

وبيّن الزغول أن اللحظة الراهنة تفرض على الجميع إدراك أن زمن الشعارات قد ولّى، وأن الحقبة التي يمكن فيها تبرير الأخطاء والاختلالات بذرائع البدايات قد انقضت، ليحل محلها عهد جديد تُقاس فيه الشرعية السياسية بمدى الالتزام بالمبادئ الدستورية، وتتحدد فيه مشروعية الحكم بمدى القدرة على إرساء قواعد الحكم الرشيد، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وتعزيز مناخ الحريات المسؤولة، وضمان سيادة القرار الوطني بعيدًا عن نزعات الاستحواذ والتفرد أو المساومات العابرة للحدود.

وأشار إلى أن هذه المرحلة تقتضي، بلا مواربة، أن يكون الخطاب السياسي منسجمًا مع مقتضيات المرحلة، بحيث يتم الانتقال من لغة الوعود الفضفاضة إلى معادلة الالتزام الصارم بآليات المساءلة والشفافية، بما يكفل خضوع جميع القرارات والإجراءات لمنظومة رقابية متكاملة، قائمة على رقابة شعبية واعية، وإعلام مستقل يُسلط الضوء على مكامن الخلل دون تقييد أو تكميم، وقضاء نزيه قادر على فرض سيادة القانون على الجميع دون تمييز أو استثناء.

وفي هذا الإطار، يتعين أن تكون هذه المرحلة محكومة بمنطق المسؤولية التاريخية، التي تقتضي تجاوز معادلات المحاصصة السياسية الضيقة، والخروج من شرنقة الحسابات الفئوية التي تُضعف بنية الدولة وتُعرقل قدرتها على الاستجابة الفاعلة للتحديات، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

واستطرد الزغول قائلًا إن الانتقال من مرحلة الفوضى إلى مرحلة الاستقرار المؤسسي يستلزم بناء مقاربة سياسية متقدمة، تستند إلى تخطيط استراتيجي طويل المدى، يأخذ في الاعتبار ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وتأهيل البنية التحتية، وإصلاح المنظومة التعليمية، وتطوير السياسات الاجتماعية، بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وتعزيز قدرة الدولة على استعادة دورها الإقليمي والدولي بفاعلية واتزان.

واختتم حديثه بالقول إنه لا مجال للتردد أو التراجع، إذ حان وقت العمل المسؤول، والانخراط الجاد في معركة البناء، واستكمال مسيرة الدولة التي تستمد قوتها من حكمة أبنائها، وتماسك نسيجها الوطني، ورسوخ مؤسساتها، ورصانة سياساتها، وثبات مواقفها على أرضية المصالح العليا للشعب والدولة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير