أسئلة ملحة حول أمن الأردن المائي

{title}
أخبار الأردن -

أبدى وزير الزراعة الأسبق الأستاذ الدكتور محمود الدويري استغرابه من التغافل عن استثمار مورد استراتيجي بهذا القدر من الأهمية كالآبار العميقة، ولماذا لم تحظَ هذه القضية بمقاربات بحثية متكاملة ورصينة تفضي إلى وضعها في صدارة الأولويات الوطنية.

جاء ذلك في سياق إجابته على سؤالٍ وجهته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية خلال ندوة متخصصة بعنوان "الماء ومستقبل الأردن: حلول ممكنة لأزمة معقدة".

وتابع الدويري متسائلًا عن الدراسات الأردنية المتخصصة لهذه المسألة؟... وأين يقف خبراؤنا في علوم المياه من هذا التحدي؟... وما مدى الكُلفة الحقيقية لاستخراج المياه من هذه الطبقات العميقة، لا من منظور حسابي سطحي، بل وفق تحليل اقتصادي مقارن يأخذ بعين الاعتبار البدائل الأخرى، وجدواها على المديين المتوسط والبعيد؟.

على الضفة الأخرى، لا يُمكن إنكار اتخاذ الحكومة لخطوة جوهرية بإطلاق مشروع الناقل الوطني، إلا أنّ هذا الإنجاز لا يعفينا من مساءلة أنفسنا حول توقيته: هل تأخرنا في تدشينه؟... وهل كان بالإمكان استباق الظروف الصعبة التي أفضت إلى تضخم تكاليفه من مئات الملايين إلى مليارات الدنانير؟، مضيفًا أن هذه التساؤلات تستدعي مراجعة دقيقة وتقييمًا معمقًا، لا سيما أن كُلفة الفرصة البديلة باتت مرتفعة على نحو يستوجب إعادة النظر في منهجيات التخطيط المائي، وفقًا لما صرّح به الدويري لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

ونوّه إلى أن تأمين الموارد المائية يعد التزامًا وطنيًا مشتركًا ينبغي أن ينخرط فيه المواطن بوعي ومسؤولية؛ إذ لا يمكن الاستمرار في تقديم المياه بأسعار لا تعكس قيمتها الحقيقية، في ظل ضغوط متزايدة على الموارد المائية، مستطردًا إن إدامة المشاريع الحيوية، سواء كانت موجهة للزراعة أو للاستهلاك المنزلي، تتطلب مقاربة اقتصادية متزنة، تُراعي الاستدامة دون المساس بالعدالة الاجتماعية.

أما فيما يخص التغير المناخي، فآثاره لم تعد مجرد تحذيرات نظرية، إذ باتت حقيقة ملموسة تستدعي تدابير عاجلة تتجاوز الحلول التقليدية إلى استراتيجيات استباقية، وفي هذا السياق، يبرز التشجير وإعادة التحريج كضرورة وجودية لا تقبل التأجيل، فقد كان الراحل وصفي التل صاحب رؤية استثنائية في هذا المجال، ويكفي أن نشير إلى الغابات التي تحمل بصمته في شمال المملكة، شاهدةً على استشرافه المبكر لأهمية التوازن البيئي.

واليوم، إذ نشهد دولًا مثل السعودية تطلق مبادرات عملاقة لزراعة عشرات الملايين من الأشجار ضمن مشاريع استراتيجية للحفاظ على المنظومة البيئية، فهل آن الأوان لنستلهم من هذه التجارب، ونعيد صياغة سياساتنا البيئية على نحو يُحصّن مواردنا الطبيعية من الاستنزاف؟ أليس من الواجب أن يكون لدينا مشروع وطني شامل يعيد التوازن البيئي، ويدمج السياسات المائية مع استراتيجيات التكيّف المناخي؟، وفقًا لما قاله الدويري.

وأشار إلى أنه من غير المقبول أن تظل هذه الموارد في طيّ الإهمال، فيما نحن في أمسّ الحاجة إليها، وإذ ندرك جميعًا أن مستقبل الأمن المائي لا يُبنى على الاجتهادات الظرفية، فإن مسؤوليتنا الجماعية تقتضي إعادة ضبط أولوياتنا المائية، وتجذير مفاهيم الاستدامة في صميم سياساتنا التنموية.

واختتم الدويري حديثه بطرح مجموعة من الأسئلة هي: أين يقف ملف استغلال المياه العميقة اليوم؟... وما هي المحددات التي تحول دون تحويله من مجرد طرح أكاديمي إلى سياسة وطنية مستدامة؟.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير