العلي لـ"أخبار الأردن": اللحظة الراهنة فرصة لإعادة تعريف الموقف الوطني

أكد الكاتب عبادة العلي ما تفرضه اللحظة الراهنة على الأردن من إعادة قراءة معطيات المرحلة، لا سيما في ضوء المستجدات التي تجعل التهجير أكثر من مجرد طُروحات نظرية أو تكهنات سياسية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما يُطرح الآن ليس زلة لسان، أو وليد لحظة عابرة، أو حتى نزوة تاجر يبحث عن صفقة، ذلك أن ما يحدث هو مخططٌ مدروسٌ بعمق، أُعدّت له الأدوات، وهيّئت له المبررات، وانتظر صانعوه الظرف السياسي المناسب لطرحه.
وبيّن العلي أن شخصية ترامب بطابعها التجاري الانتهازي قد ساعدت على إخراجه بجرأة غير معهودة، لكنها لم تكن سوى واجهة لمشروع ظل قيد الإعداد لسنوات طويلة، مشروعٌ يرى في التهجير حلًا نهائيًا، لا ضمن تسوية عادلة، وإنما ضمن تصفية شاملة.
ونوّه إلى ضرورة دحض السردية التي تحاول ربط هذه الطروحات بما جرى في السابع من أكتوبر، وتحميل ذلك اليوم مسؤولية تسارع الحديث عن التهجير، فالحقيقة أن هذه المخططات لم تبدأ بعد ذلك التاريخ، فهي كانت قد سبقته بسنوات طويلة، ولم تكن بحاجة إلى ذريعة جديدة لتجد طريقها إلى الطاولة، وإنما كانت تنتظر اللحظة المناسبة لإعادة تسويقها، سواء عبر خطاب الأزمات أو من خلال محاولة فرضها أمرًا واقعًا.
ولفت العلي الانتباه إلى أهمية إدراك أن مواجهة هذا المشروع لا يجب أن تكون موقفًا انفعاليًا أو شعبويًا مؤقتًا، إذ يتطب الأمر جهدًا وطنيًا مستدامًا، يرتقي إلى مستوى التحدي الوجودي الذي تمثله هذه المخططات، فالمطلوب اليوم هو دفع الموقف الرسمي، باتجاه خيارات استراتيجية تحمي المصالح العليا للدولة، والتي تتقاطع بشكل كامل مع الحفاظ على ثوابت القضية الفلسطينية، في توجهٍ ينظر إليه على أنه أكثر من مجرد التزام تاريخي أو أخلاقي، متجاوزًا ذلك إلى ضرورة سياسية وأمنية، حتى لو جاءت الضغوط أبعد من واشنطن، ومن دوائر يُفترض أنها "صديقة".
واستطرد قائلًا إن اللحظة الراهنة، على خطورتها، توفر فرصة تاريخية لإعادة تعريف الموقف الوطني، بعيدًا عن الاستجابة الآنية، وقريبًا من مشروع ممتد، تتبلور فيه معادلة جديدة ندرك من خلالها أن التمسك بالحق الفلسطيني يعد دفاعًا عن الذات، وعن استقرار المنطقة بأسرها.