أرقام مقلقة حول ملف المياه في الأردن

قال أمين عام الاتحاد العربي للأسمدة، المهندس رائد الصعوب، إن ملف المياه وتحدياته ليس بغائب عن صُنّاع القرار في الأردن، إذ يدركون أبعاده وتعقيداته جيدًا، لا سيما في ظل تصاعد الضغوط الناجمة عن الطلب المتزايد على الموارد المائية الشحيحة.
جاء ذلك في سياق إجابته على سؤالٍ وجهته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية خلال ندوة متخصصة بعنوان "الماء ومستقبل الأردن: حلول ممكنة لأزمة معقدة".
وذكر الصعوب أن الحل الأمثل قد يكون أقرب مما نتصور، إذ يتطلب إعادة النظر في استراتيجيات إدارة الموارد المائية من خلال ترشيد الاستثمارات وتوجيهها نحو خيارات أكثر استدامة وجدوى اقتصادية، ففي حين تستمر الدولة في تبني مشاريع تحلية المياه التي تتطلب استثمارات ضخمة وكُلف تشغيلية عالية، يُطرح تساؤل ملحّ حول جدوى عدم التركيز على حفر واستغلال الآبار العميقة القريبة من مناطق الاستهلاك، لا سيما وأن تجارب سابقة أثبتت نجاح هذا النموذج في مناطق متعددة داخل المملكة.
وأوضح أن تحلية مياه البحر، رغم كونها خيارًا استراتيجيًا لا يمكن تجاهله، تفرض تحديات لوجستية واقتصادية كبرى، إذ تتطلب بنى تحتية متقدمة وكُلفًا تشغيلية قد تُشكّل عبئًا على الموازنة العامة في المدى البعيد، ومن هنا، يصبح التفكير في حلول بديلة أكثر إلحاحًا، خصوصًا عند الأخذ بعين الاعتبار معادلة الجدوى والكُلفة.
وفي سياق متصل، تطرّق الصعوب إلى أهمية مراعاة البعد الإقليمي عند البحث عن حلول لأزمة المياه، مشيرًا إلى ملف المياه والطاقة ضمن أطر التعاون مع الجانب السوري، والذي يستدعي طرح استراتيجيات أكثر تكاملًا تتجاوز الحلول التقليدية، فمستقبل الأمن المائي الأردني يتطلب مقاربة أوسع تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الإقليمية والتعاون مع الدول المجاورة لضمان استدامة الموارد المائية.
وأضاف أن الأردن يمتلك تجارب ناجحة في استغلال الآبار العميقة، حيث تم بالفعل حفر عدد منها في مناطق مثل الريشة والحسا منذ عام 2000، ورغم التحديات التي واجهتها، خصوصًا ارتفاع نسبة الملوحة، فقد تمت معالجتها وأصبحت مصدرًا موثوقًا للمياه الصالحة للشرب، وهذا يفتح باب التساؤل حول سبب عدم تبني هذا النموذج على نطاق أوسع ليكون ركيزة رئيسية في استراتيجية الأمن المائي الوطني.
الأرقام تتحدث: أيهما أكثر جدوى؟
ولفت الصعوب الانتباه إلى أن لغة الأرقام تكشف بوضوح الفرق الشاسع في الجدوى الاقتصادية بين الخيارين، إذ يُقدَّر أن مشروع الناقل الوطني سيكلف خزينة الدولة نحو 500 مليون دينار، بينما تُظهر التجارب أن استغلال الآبار العميقة يُمكن أن يكون حلًّا أكثر استدامة وأقل كُلفة، خصوصًا مع توفر تقنيات متطورة تتيح الحفر إلى أعماق كبيرة واستخراج المياه بكفاءة عالية.
واختتم حديثه بطرح إشكالية جوهرية: لماذا يتم تجاهل خيار استغلال الآبار العميقة، رغم قربها من مناطق الاستهلاك، في وقت يتم فيه الاعتماد على مشاريع التحلية المكلفة، التي تستوجب عمليات نقل معقدة عبر مسافات طويلة؟ أليس من الأولى توجيه الاستثمارات نحو حلول أكثر كفاءة وجدوى في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة؟