العثامنة يكتب: القادم الذي يجب الالتفاف حوله
![{title}](/assets/2025-01-26/images/10_news_1737922446.jpeg)
مالك العثامنة
مع كل هذه التغيرات الإقليمية الجذرية والهائلة على الأرض منذ أحداث السابع من أكتوبر عام 2023، ثم حضور "متجدد ونوعي" لإدارة ترامب وتغيرات أيضا جذرية في سياسات واشنطن، فإن الحسابات القديمة كلها لم تعد مجدية، بل ربما يكون الاعتماد على تلك الحسابات له نتائجه الكارثية.
الإقليم كله بدأ بتغيير حساباته بناء على كل المعطيات الدولية الجديدة، وهي معطيات هائلة التحول في جوهرها وعلى عدة مستويات تعمل على صياغة قواعد جديدة لعالم جديد قائم على المصالح الاقتصادية مع تغير نوعي في مصادر الطاقة وثورة تكنولوجيا المعلومات التي غيرت شكل ووجه التجارة الدولية وهذا يعني اعتماد أكثر ثقلا على سلاسل تزويد أكثر أمانا.
ترامب– حسب الوارد من الأخبار وكما هو متوقع منه أيضا- يطلب من مصر والأردن استيعاب سكان غزة، بدون توضيح على مدة هذا الاستيعاب، لكنه تفريغ سكاني محتمل وتوطين ديموغرافي متوقع، مما يعني أن الضفة الغربية أيضا مرشحة للتفريغ والتهجير كذلك.
ما هي حساباتنا الأردنية والحال كذلك؟
بعيدا عن أناشيد الحماس الوطني التي لا تنفع، فإن الحسابات الدقيقة والموضوعية تتطلب التعامل بمنطق مع هذا العالم الذي يتحكم به السيد دونالد ترامب وإدارته، وهو يعني تفاهمات بالحد الأقصى مع دول في محيطنا الإقليمي ستضرر من كل ما يتضرر منه الأردن.
ما الذي يمكن أن نقدمه إذن، لتغيير التصورات القادمة والتي تستهدفنا؟
السلطة الفلسطينية ستكون أضعف على كل ضعفها في المرحلة القادمة، والفلسطينيون معنيون اليوم أكثر بالبقاء في أرضهم أكثر من التمسك بأي قيادة كانت تنزعهم منها أو تتسبب بمقتلهم عليها.
والسلطة التي ورثت منظمة التحرير الفلسطينية بكامل تاريخها الذي ابتلعه التاريخ نفسه، بما في ذلك مفهوم "وحدانية" التمثيل للشعب الفلسطيني، من خلال جدلية "التمثيل الشرعي والوحيد" التي مرت بكثير من المد والجزر بين الأردن والمنظمة وانتهت "نظريا" عام 1988 بقرار فك الارتباط بين الضفة الغربية والشرقية، وترسخت "عمليا" بعد أوسلو بحضور باهت لسلطة أقل من دولة في رام الله وغزة.
لكن القرار 242 ما يزال فاعلا دوليا، ويمكن البناء عليه كما تم ذلك في مؤتمر مدريد، الذي شقته أوسلو إلى نصفين.
وهو ما يعيد الحسابات– ربما- إلى نقطة ما قبل أوسلو وعند مدريد تحديدا وعلى الأقل، حيث التمسك بقرار 242 والواقع القانوني للضفة الغربية ما قبل السادس من حزيران، خصوصا أنها ورقة استخدمها المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة نفسه عام 2023، باتهام الأردن كقوة احتلال للضفة الغربية عام 1950، وهي تهمة عكست حينها نوايا إسرائيلية واضحة تسبق سيناريو الانفجار المتوقع الآن بأي لحظة، ومع تلك الانكفاءة "الزمنية" إلى ما قبل أوسلو وكل تداعياتها التي تتساقط حاليا، فلا بد من توفير مظلة أردنية– إقليمية وبتفاهم وثيق مع الرياض تحديدا لقيادة فلسطينية مختلفة يتم تشكيلها من الداخل الفلسطيني نفسه، وبالتعاون مع كل الرموز الرسمية "القابلة للحياة" في السلطة والقيادات الأهلية في الداخل الفلسطيني.
وهذا كله على الأقل تحريك للراكد الذي ستفجره إسرائيل من طرف واحد وبمظلة رعاية واشنطونية، بدلا من إدارة "وضع راهن" لم يكن أكثر من مضيعة للوقت الذي استثمرته قوى اليمين لا في إسرائيل وحدها بل في الشرق الأوسط كله.