هل يمكن للآباء إنقاذ أطفالهم من فخ الإدمان الرقمي؟

{title}
أخبار الأردن -

 

د. محمد عبد الحميد الرمامنه

أصبح إدمان الأطفال والمراهقين على الأجهزة الإلكترونية من أبرز القضايا التي تشغل الآباء والمختصين في عالمٍ يزداد فيه تأثير التقنيات الرقمية على الحياة اليومية، تشير الدراسات إلى أن أكثر من 60% من المراهقين يقضون أكثر من أربع ساعات يوميًا أمام الشاشات، ما يساهم في تزايد مخاطر الإدمان الرقمي وتأثيراته السلبية على الصحة النفسية والجسدية هذا الواقع يطرح تساؤلات عن كيفية حماية الأبناء من الانغماس في هذا العالم الافتراضي دون ضوابط، إن التحدي الذي يواجهه الوالدان اليوم يتطلب تبني استراتيجيات علاجية فعالة لا تقتصر فقط على توجيه الأبناء، بل على تقديم الدعم العاطفي والفكري الذي يعزز من قدرتهم على التحكم في استخدامهم للتكنولوجيا أولى هذه الاستراتيجيات هي التواصل المستمر بين الآباء والأبناء الحوار المفتوح الذي يتسم بالشفافية والتفهم يمكن أن يُسهم في زيادة الوعي لدى الأبناء حول المخاطر المحتملة للإدمان الرقمي الأبحاث تُظهر أن الأبناء الذين يتحدثون مع والديهم بشكل منتظم حول استخدام التكنولوجيا يكونون أكثر وعيًا بتأثيراتها السلبية ويظهرون قدرة أكبر على التعامل معها بشكل معتدل.

ان وضع قواعد واضحة داخل المنزل يعد من الأدوات الأساسية للحد من تأثير الإدمان الرقمي يجب على الوالدين تحديد أوقات معينة لاستخدام الأجهزة، وتخصيص أوقات أخرى للعائلة والأنشطة الخارجية كما يمكن تحديد وقت لاستخدام الأجهزة بعد إنجاز المهام الدراسية أو التزامات المنزل أظهرت الدراسات أن الأسر التي تضع قوانين صارمة لتنظيم الوقت الرقمي تكون أكثر قدرة على تقليص الآثار السلبية لتكنولوجيا المعلومات على الأبناء، إضافة إلى ذلك، فإن تشجيع الأبناء على ممارسة الأنشطة الاجتماعية والتفاعلات الواقعية يعتبر من الاستراتيجيات العلاجية الهامة عندما يكون هناك وقت مخصص للأنشطة الجماعية مثل الرياضة أو الخروج مع الأصدقاء، فإن ذلك يقلل من الاعتماد على الأجهزة الرقمية الأبحاث العلمية تدعم هذه الفكرة، حيث أظهرت دراسة من جامعة كامبريدج أن الأطفال الذين يمارسون الأنشطة البدنية بانتظام يحققون توازنًا أفضل بين العالمين الرقمي والواقعي. 

أخيرًا، لا بد من التأكيد على أهمية القدوة الحسنة يجب أن يكون الوالدان نموذجًا في التعامل مع الأجهزة إن رؤية الأطفال لآبائهم وهم يحددون وقتًا لاستخدام الأجهزة ويشاركون في الأنشطة العائلية، تشجعهم على اتباع نفس النهج كما أن الابن الذي يلاحظ أن والديه يستخدمون التكنولوجيا باعتدال يكون أكثر قدرة على التحكم في وقت الشاشة، في النهاية، إن مواجهة تحديات الإدمان الرقمي تتطلب جهدًا مشتركًا من الوالدين والمجتمع ككل من خلال الحوار المستمر، وضع القواعد الفعالة، وتشجيع الأنشطة الاجتماعية، والقدوة الحسنة، يمكن للوالدين حماية أبنائهم من الانغماس المفرط في العالم الرقمي، وتعزيز صحتهم النفسية والاجتماعية.
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير