مخاطر مناخية يجب أن تتداركها دوائر القرار في الأردن

{title}
أخبار الأردن -

قال خبير السياسات البيئة عمر الشوشان إن التغير المناخي يشكل تهديدًا حقيقيًا للأردن، حيث تؤثر ظواهره المتزايدة والمتفاقمة على الاقتصاد الوطني والبنية التحتية بشكل مباشر.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ارتفاع درجات الحرارة، وتناقص الموارد المائية، واتساع رقعة الجفاف، وتكرار موجات الصقيع، كلها عوامل تُلقي بظلالها على قطاعات حيوية مثل الزراعة، والمياه، والسياحة، التي تُعد من ركائز الاقتصاد الأردني.

وبيّن الشوشان أن البنية التحتية المائية، بما في ذلك السدود ومحطات معالجة المياه، باتت مهددة بشكل متزايد بفعل التقلبات المناخية الحادة، غير أن إدراك دوائر القرار لمدى التأثير الاقتصادي طويل الأمد لهذه الظاهرة لا يزال بحاجة إلى تعزيز عبر دراسات معمقة وسياسات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الأزمة وآثارها الممتدة.

وعلى الرغم من إطلاق الحكومة مشاريع استراتيجية لتحسين إدارة الموارد المائية، مثل مشروع الناقل الوطني، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، فإن هذه الجهود لا تزال غير كافية لمواجهة الأزمة بفعالية، ذلك أن التعامل مع التغير المناخي في الأردن يتطلب رؤية شاملة تتجاوز الحلول الجزئية لتشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية تتماشى مع الواقع المحلي، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

ولفت شوشان الانتباه إلى أن ضعف التنسيق بين المؤسسات الحكومية المعنية يشكل عائقًا أمام تنفيذ السياسات المناخية، ما يعكس فجوة واضحة بين الالتزامات النظرية والتطبيق العملي، كذلك، فإن عدم تخصيص موارد مالية كافية لمشاريع التكيف مع آثار التغير المناخي يضع الأردن أمام تحدٍ إضافي، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية الناتجة عن موجات اللجوء الإنساني التي أثقلت كاهل البنية التحتية.

وأشار إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للتغير المناخي شكّل نكسة للجهود الدولية، خصوصًا أن الولايات المتحدة تُعد من أكبر المساهمين في الانبعاثات الغازية، وغياب دورها الفاعل في تمويل مشاريع المناخ أثر بشكل كبير على الدول النامية، ومنها الأردن، حيث ساهم في تعميق الفجوة المالية المخصصة لمواجهة التغير المناخي، وعلى الرغم من أن هذا الانسحاب لم يؤثر بشكل مباشر على خطط الأردن الوطنية، إلا أنه قلّص من إمكانيات الحصول على الدعم المالي الذي تحتاجه البلاد للتكيف مع تداعيات الظاهرة.

واستطرد الشوشان قائلًا إن مواجهة هذه التحديات تتطلب من الأردن تعزيز تعاونه مع التحالفات الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي والصندوق الأخضر للمناخ، والعمل على الاستفادة من الصناديق متعددة الأطراف التي توفر التمويل والتقنيات الحديثة. هذا التعاون يمكن أن يشكل نافذة للبلاد للارتقاء بقدراتها على مواجهة الأزمات المناخية وبناء بنية تحتية أكثر مرونة واستدامة.

وأشار إلى أن الاستجابة للتغير المناخي لا تتوقف عند الإجراءات الحكومية فقط، فهي تحتاج إلى استراتيجية وطنية متكاملة تنسجم مع التحديات المحلية والإقليمية، إذ يجب أن تبدأ الجهود بتعزيز الوعي الوطني بمخاطر التغير المناخي وتداعياته على الاقتصاد والموارد الطبيعية، كما أن التنسيق المؤسسي بين مختلف الجهات الفاعلة ضرورة لا يمكن تجاهلها لضمان التكامل في تطبيق السياسات وتحقيق الأهداف المرجوة، إلى جانب ذلك، يجب أن تتبنى الحكومة سياسات طموحة لتعزيز الابتكار في إدارة الموارد المائية والطاقة، مع التركيز على الحلول المستدامة، مثل تقنيات تحلية المياه واستخدام الطاقة الشمسية والرياح.

ونوّه الشوشان إلى أن غياب رؤية شاملة وفعالة للتعامل مع التغير المناخي سيجعل الأردن أكثر عرضة لتداعيات هذه الظاهرة، إذ ستمتد لتشمل الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ومن هنا، فإن تعزيز الشراكات الدولية، وتطوير السياسات المحلية، وتأمين التمويل الكافي، هي خطوات حاسمة في سبيل حماية البلاد من المخاطر المناخية المتزايدة، وضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير