الخزاعي لـ"أخبار الأردن": 5 تحولات مقلقة بالمجتمع الأردني

{title}
أخبار الأردن -

 

قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، إن المجتمع الأردني شهد في العقود الأخيرة تحولات جذرية في منظومة القيم والعادات والتقاليد، انعكست بوضوح على أنماط الحياة والعلاقات الاجتماعية.

وأوضح الخزاعي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" أن أبرز هذه التحولات يكمن في انحسار ثقافة التكافل والتواصل الاجتماعي التي كانت تشكل ركيزة أساسية في بنية المجتمع الأردني، إذ بات ملاحظًا اليوم، ثقافة العزلة والانكفاء الفردي التي تسود، حيث باتت العلاقات الإنسانية محدودة ضمن إطار الأسرة المباشرة والأقارب من الدرجة الأولى، بينما تراجع التواصل مع الأصدقاء والجيران بشكل ملحوظ، مشيرًا إلى أن هذه العزلة الاجتماعية أضعفت مفهوم "المجتمع المتكافل"، الذي كان في الماضي مظلة تحمي الجميع في أوقات الفرح والحزن على حد سواء.

فقدان الثقة: أزمة متصاعدة

وأشار الخزاعي إلى أن إحدى القضايا العميقة التي تُظهر حجم التحولات السلبية هي أزمة فقدان الثقة بين أفراد المجتمع، ففي الماضي، كانت الثقة المتبادلة حجر الأساس في بناء العلاقات الاجتماعية وتعزيز الروابط المجتمعية، أما اليوم، فقد باتت هذه الثقة شبه محصورة في دائرة الأسرة المباشرة، بينما تراجعت بشكل مقلق على مستوى الجيران وزملاء العمل، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة الثقة المتبادلة في هذه الفئات لا تتجاوز 65%، لافتًا النظر إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو فقدان الثقة في المؤسسات الوطنية، إذ يعبر 15% فقط من الأردنيين عن ثقتهم في مجلس النواب، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 12% فيما يتعلق بالأحزاب السياسية، حتى في حال حصول الحكومات على نسب تأييد تصل إلى 50% أو 60%، فإن ذلك لا يعد مؤشرًا إيجابيًا، فهو يعكس حالة من القلق العام تجاه قدرة هذه المؤسسات على تلبية تطلعات المواطنين، وهذه الفجوة في الثقة تُضعف الاستقرار الاجتماعي وتزيد من التحديات التي تواجهها الدولة في تعزيز التماسك الوطني.

اللامبالاة والأنانية: أبعاد جديدة للذاتية المفرطة

ترافق هذه التحولات الاجتماعية مع صعود ظاهرة اللامبالاة والأنانية، حيث باتت المصالح الشخصية تُغلب بشكل كبير على المصلحة العامة، وهذا التحول يعكس انحرافًا عن القيم التقليدية التي كانت تدعو إلى التضامن والإيثار، وفي ظل هذه الظروف، أصبحت قضايا المجتمع المشتركة تواجه إهمالًا متزايدًا، ما يضعف الروح الجماعية ويؤثر سلبًا على النسيج الاجتماعي، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

التباهي والغرق في ثقافة الكماليات

ونوّه الخزاعي إلى ظاهرة مقلقة هي انتشار ثقافة التباهي الكاذب والاهتمام المفرط بالمظاهر، مضيفًا أن الأردني اليوم يهرول نحو الكماليات التي تتجاوز احتياجاته الحقيقية، مثل تغيير الهواتف، والمركبات، والملابس بشكل متكرر، ما أدى إلى تفاقم الديون بعيدًا عن الضرورات الاقتصادية، وقريبًا من الرغبة في التفاخر الاجتماعي، وهذه السلوكيات تعكس حالة من الغيرة الاجتماعية التي باتت سمة بارزة في السنوات الأخيرة، وهي ظاهرة لم تكن بهذا الحجم في العقود الماضية.

غياب ثقافة إصلاح ذات البين

وأشار إلى أن ثقافة إصلاح ذات البين كانت عنصرًا محوريًا في معالجة النزاعات الاجتماعية في الماضي، إلا أنها تراجعت بشكل كبير في الوقت الحاضر، فغياب هذه الثقافة أسهم بشكل مباشر في ارتفاع معدلات الطلاق إلى مستويات غير مسبوقة، حيث سُجلت نحو 25 ألف حالة طلاق سنويًا، وهذا الرقم يعكس تآكل العلاقات الأسرية من جانب، وتراجع دور المجتمع في التدخل الإيجابي لحل النزاعات من جانبٍ آخر، الأمر الذي أسهم في تفكك الروابط الاجتماعية ويهدد استقرار الأسرة الأردنية.

ودعا الخزاعي إلى معالجة شاملة للتحولات التي يشهدها المجتمع الأردني في القيم والعادات، مؤكدًا ضرورة الاستناد إلى رؤية استراتيجية تعيد بناء الثقة وتعزيز قيم التكافل والإيثار، إذ يجب أن تلعب المؤسسات التعليمية، والدينية، والإعلامية دورًا رئيسيًا في تعزيز الروابط الاجتماعية، وتوجيه الأفراد نحو تبني سلوكيات إيجابية تسهم في ترميم النسيج المجتمعي.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية