الكتوت يتحدث لـ"أخبار الأردن" عن واقع الدينار الأردني
قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت إن الاقتصاد الأردني، يواجه تحديات هيكلية واضحة، أبرزها العجز المستمر في الميزان التجاري الذي بلغ 7.359 مليار دينار وفقًا للتقارير الصادرة عن البنك المركزي، كما يُظهر الحساب الجاري في ميزان المدفوعات عجزًا يصل إلى 1.356 مليار دينار، وعلى صعيد الموازنة العامة، يتجاوز العجز السنوي 3 مليارات دينار، يُغطى غالبًا من خلال القروض الداخلية والخارجية، ما أدى إلى تفاقم الدين العام ليصل إلى أكثر من 44 مليار دينار وفق أحدث الإحصاءات.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن احتياطيات النقد الأجنبي في الأردن ارتفعت لتبلغ 21 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية واردات المملكة لمدة 8.4 أشهر، إلا أن هذه الزيادة، على الرغم من أهميتها، لا تضع الأردن ضمن المراتب الأولى عربيًا، فالمملكة تحتل المرتبة العاشرة عربيًا من حيث حجم الاحتياطيات الأجنبية، ما يعكس قيودًا واضحة مقارنة بدول عربية أخرى ذات اقتصاد أكثر متانة.
ونوّه الكتوت إلى أن قوة احتياطيات العملات الأجنبية لأي دولة يجب أن تكون مستمدة أساسًا من فائض الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، وهو ما يتطلب اقتصادًا منتجًا يتمتع بقدرة تنافسية عالية، أما في الحالة الأردنية، فإن اعتماد قوة الدينار إلى حد كبير على العوامل الخارجية، مثل ارتباطه بالدولار الأمريكي منذ أكتوبر 1995 بسعر صرف ثابت يبلغ 709 فلسًا للدولار، يجعل من قوة الدينار انعكاسًا نسبيًا لاستقرار الدولار الأمريكي، ذلك أن ارتباط الدينار بالدولار يُمكّنه من الاستفادة من مزايا العملة الأمريكية، مثل التأثير على أسعار النفط والذهب عالميًا، إلا أن هذا الارتباط يظل عاملًا خارجيًا وليس نتاجًا لسياسات اقتصادية ذاتية.
إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع سعر الفائدة الدائنة على الدينار مقارنة بالدولار يلعب دورًا في تعزيز جاذبية العملة محليًا ودوليًا، ومعدلات الفائدة على الودائع وسندات الخزينة بالدينار، التي تصل إلى 7.5% في الأسواق العالمية، تشكل عامل جذب للاستثمارات والمدخرات، مما يساهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي.
ومع ذلك، لا بد من مواجهة الواقع بأن العوامل الاقتصادية الداخلية، مثل ضعف معدلات النمو، استمرار العجز في الميزان التجاري، وارتفاع نسب البطالة والفقر، تمثل قيودًا تحد من استدامة قوة الدينار، كما أن الاعتماد المفرط على ظروف خارجية، مثل قوة الدولار وارتفاع الفوائد، لا يمكن أن يُعد أساسًا متينًا لدعم العملة الوطنية على المدى الطويل.
وأشار الكتوت إلى أنه من الضروري توجيه الجهود نحو تعزيز الإنتاجية الوطنية، وتحقيق فائض مستدام في الحساب الجاري، وتنويع مصادر الدخل القومي، لضمان قوة الدينار بعيدًا عن الاعتماد على العوامل الخارجية وحدها.

