خبراء لـ"أخبار الأردن": الأردن غير مهتم بإشارات التقدير والإطراء

{title}
أخبار الأردن -

قال الخبير الأمني والاستراتيجيّ الدكتور عمر الرداد إنه في ظل التحديات الجسام التي تمر بها القضية الفلسطينية، وما يعصف بمقدرات الشعب الفلسطيني من عدوان مستمر وإبادة جماعية، لا يمكن أن يمر هذا الفصل من التاريخ دون أن يتم الإشارة إلى الدور الاستثنائي الذي يلعبه الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والتصدي للمخططات التي تستهدف عروبة القدس وتدمير أي أمل في إقامة دولة فلسطينية حرة ومستقلة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن مواقف الأردن - منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة - كانت ثابتة، مدعومة بموقف دبلوماسي صارم قاده جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي جدد تحذيراته للعالم من العواقب الوخيمة لما يجري في الأراضي الفلسطينية، ورغم محاولات بعض القوى الدولية التعتيم على الجرائم الإسرائيلية وطمس الحقائق، ظل الأردن بصدقه ووضوحه يسطر تاريخًا جديدًا من التضامن مع الشعب الفلسطيني.

وبيّن الرداد أن مواقف الأردن كانت ولا تزال تتمحور حول موقفه الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية، والمطالبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية، وعاصمتها القدس، ومنذ بداية العدوان، كانت المطالبات الأردنية المتكررة بوقف الحرب على غزة والتحذيرات من التداعيات الخطيرة التي قد تطال الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية، تمثل جزءًا من التزام الأردن الدائم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويستند هذا الالتزام إلى رؤية استراتيجية تنطلق من قناعة راسخة بأن فلسطين هي قضية العرب الأولى، وأن السلام الشامل والعادل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال احترام حقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم.

على الرغم من الظروف الصعبة التي تكتنف الساحة الدولية، لا سيما في مواجهة محاولات بعض الأطراف لتمرير سياسات الاحتلال الصهيوني، كان الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، في مقدمة المدافعين عن الحق الفلسطيني في كافة المنابر الدولية، وقد عبرت الدبلوماسية الأردنية عن مواقفها عبر تصريحات واضحة وحازمة في مواجهة محاولات تبرير الجريمة الإسرائيلية التي طالت غزة والقدس وكل مدينة فلسطينية، وفقًا لما صرّح به الرداد لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

اليوم، في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات التي تواجه قطاع غزة والضفة الغربية، يقدم الأردن نفسه كحليف استراتيجي في إعادة بناء الوحدة الفلسطينية. تأتي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بشأن إمكانية إدارة قوات عربية وإسلامية لقطاع غزة لفترة مؤقتة، لتفتح نقاشًا حول واقع القضية الفلسطينية في المرحلة القادمة. الأردن، الذي كان دائمًا في طليعة تعزيز الوحدة الفلسطينية، يدرك أن الاستقرار في غزة لا يتحقق إلا من خلال تعزيز الشرعية الفلسطينية، وهو ما يقتضي إصلاح السلطة الفلسطينية على جميع الأصعدة.

وتابع الرداد قائلًا إن ما يهم الأردن في هذه المرحلة هو ضمان استقرار الوضع الفلسطيني، وتثبيت الفلسطينيين على أرضهم، ومنع محاولات تقسيم الأراضي الفلسطينية أو فرض حلول مفروضة لا تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، مضيفًا أن هذا يتطلب التعاون الوثيق بين الأردن وفلسطين، حيث يبقى الأردن شريكًا أساسيًا في أي حل سياسي مستقبلي، ويدعم بقوة القيادة الفلسطينية الشرعية.

في الوقت الذي تمر فيه القضية الفلسطينية بمنعطفات خطيرة، لا يمكن للأردن أن يلتفت إلى إشارات التقدير التي قد تأتي من بعض الأطراف السياسية، فهو يستمر في دعم الشعب الفلسطيني استنادًا إلى قناعاته الثابتة ومبادئه الراسخة. ولم يكن غريبًا أن يتغاضى القيادي في حركة حماس، خليل الحية، عن شكر الأردن ضمن الدول التي قدمت الدعم لفلسطين، فالأردن لم يتوقف يومًا عن تقديم الدعم والتضامن مع غزة والشعب الفلسطيني بغض النظر عن المكافآت أو الثناء.

الأردن، الذي يحتفظ بعلاقات قوية مع الغرب والعالم العربي على حد سواء، يبقى في موقف فريد يمكنه من نقل رسائل العدالة الفلسطينية للعالم بأسلوب مدروس وواقعي. فمن خلال هذا الدور، يواصل الأردن تقديم المساندة لفلسطين دون انتظار مقابل، لأن القضية الفلسطينية هي قضية حق وعدالة، ولا يمكن أن تتحقق إلا من خلال التزام الدول بالقانون الدولي وإيمانها بالسلام العادل.

بدوره، قال الناشط والباحث السياسي الدكتور أحمد أبو اغنيمة إن قرار وقف إطلاق النار في غزة بمثابة شهادة جديدة على أن إرادة الشعوب الحرة لا تُكسر مهما بلغ الطغيان، مضيفًا أنه يحمل في طياته قوة لا تنضب، قادرة على كسر أوهام المحتل وهزيمة مخططاته.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه لطالما سعى الكيان الصهيوني إلى سحق إرادة الفلسطينيين، مستخدمًا كافة أدوات البطش والإرهاب، ومراهنًا على فرض الاستسلام عبر الدمار والتنكيل، غير أن هذا العدوان الأخير كشف مرة أخرى أن غزة، بأهلها ومقاومتها، تمثل نموذجًا إنسانيًا متفردًا في التمسك بالحياة والكرامة.

وبيّن أبو اغنيمة أن رهانات الاحتلال، التي طالما بنى عليها استراتيجيته للقضاء على المقاومة، سقطت الواحدة تلو الأخرى، فخطة التهجير القسري باءت بالفشل أمام تمسك الفلسطيني بأرضه، وخطط احتلال محاور استراتيجية كـ"نتساريم" و"فيلادلفيا" تحطمت أمام بسالة المقاومين، أما الوعود التي أطلقها الاحتلال بـ"القضاء على المقاومة" و"تحرير الأسرى الإسرائيليين"، فقد انتهت إلى خيبة مدوية، ليجد المحتل نفسه مضطرًا للقبول بشروط المقاومة، في اعتراف ضمني بفشل كل سياساته العدوانية.

ولفت الانتباه إلى أن ما قدمته غزة يمثل ملحمة إنسانية بكل أبعادها، فشعبها أعزل، ومحاصر منذ سنوات، يقف في مواجهة أعتى آلة حربية في المنطقة، مدعومة من قوى كبرى سخرت إمكانياتها لخدمة الاحتلال. ومع ذلك، نجحت غزة في قلب الموازين، وأثبتت أن إرادة الشعوب لا تُقهر مهما طال الزمن ومهما تعاظمت التحديات.

وتابع أبو اغنيمة قائلًا إن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وما تلاه من صفقة لإطلاق الأسرى الفلسطينيين، يؤكد حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن الشعب الفلسطيني، مهما بلغت تضحياته، ويمثل لحظة انتصار للحق الفلسطيني، لكنه في الوقت ذاته يكشف هشاشة الكيان الصهيوني الذي يعتمد بقاؤه على الدعم الخارجي وتخاذل بعض الأطراف الإقليمية.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير