تساؤلات مهمة يطرحها أبو طير عبر "أخبار الأردن" حول ما بعد الهدنة
قال مستشار شؤون الأزمات ماهر أبو طير إن الهدنة التي طال انتظارها في قطاع غزة تعد محطة فارقة بين معاناة الماضي وآمال المستقبل، بعد أن أثقلت الحرب كاهل الفلسطينيين وخلّفت جروحًا غائرة في الجسد المجتمعي والوطني.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا العدوان أودى بحياة آلاف الشهداء وأصاب آلاف الجرحى، كثير منهم يعانون من إصابات بليغة ستترك أثرًا دائمًا في حياتهم، ولم تقتصر الكارثة على الأرواح، فقد امتدت إلى تدمير البنية التحتية والمنازل، الامر الذي جعل إعادة الإعمار ضرورة ملحة لاستعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وبيّن أبو طير أن هذه الهدنة، المقرر أن تبدأ يوم الأحد المقبل، تُمثل بارقة أمل لسكان القطاع الذين أنهكتهم الحرب، لكن المخاوف تتصاعد من احتمال أن تستغل إسرائيل الوقت الفاصل قبل سريانها لتنفيذ المزيد من العمليات الانتقامية، وهو ما يعكس الطبيعة المعقدة لهذا الصراع المستمر.
مرحلة ما بعد الحرب: تساؤلات حول إدارة القطاع
بينما تبدو الهدنة فرصة لالتقاط الأنفاس، إلا أنها تفتح أبوابًا لأسئلة أكثر تعقيدًا تتعلق بمن سيُدير القطاع في المرحلة المقبلة، فهل ستواصل حركة حماس الإمساك بزمام الأمور، أم أن هناك ترتيبات إقليمية ودولية غير معلنة تشمل عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى غزة؟... أم أن السيناريوهات الخفية تحمل مقترحات لتأسيس هيئات جديدة تدير شؤون القطاع ضمن إطار أوسع من التحولات الإقليمية؟
تشير التحليلات إلى أن هذه الهدنة قد تخفي وراءها اتفاقات غير معلنة تتعلق بهيكلة الوضع السياسي والإداري في غزة، ما يُثير جدلًا حول شكل الإدارة المستقبلية ومدى ارتباطها بمشروع الدولة الفلسطينية أو بمخططات تعزز الفصل بين غزة والضفة الغربية.
إعادة الإعمار: تحديات وآمال
ونوّه أبو طير إلى أن قطاع غزة يواجه ما يشبه الكارثة الإنسانية بعد أن عانى من دمار شامل طال الحجر والبشر، ذلك أن إعادة الإعمار، تشبه محاولة إعادة الحياة لمنطقة تعرضت لما يشبه "الإبادة المكانية"، وهذا التحدي يتطلب جهودًا ضخمة على المستويين العربي والدولي، سواء في بناء البنية التحتية أو في معالجة الجراح النفسية والجسدية لآلاف الضحايا، خاصة أولئك الذين فقدوا أطرافهم أو فقدوا أحبّتهم.
لكن إعادة الإعمار لن تكون بمعزل عن الاشتراطات السياسية التي ستفرضها الجهات الممولة، وسترتبط هذه الشروط بشكل وثيق بآلية الحكم في غزة ومستقبل القطاع، سواء ضمن مشروع الدولة الفلسطينية أو في سياق ترتيبات جديدة قد تكرّس الفصل السياسي والجغرافي بين غزة والضفة.
ما بعد الحرب ليس سلامًا
وأشار أبو طير إلى أن المرحلة القادمة تُنبئ بتعقيدات سياسية وإقليمية متزايدة، في الوقت الذي تبدو فيه غزة في حالة ترقب لإعادة الإعمار، تشهد الضفة الغربية تصعيدًا مستمرًا، خاصة في ظل الممارسات الإسرائيلية في مخيم جنين وغيرها من المناطق، كما أن تغير الإدارة الأمريكية قد يُعيد تشكيل المشهد السياسي، لكن المؤشرات الحالية تُظهر أن القضية الفلسطينية لا تزال تواجه تحديات جوهرية تتعلق بالحقوق الوطنية وبنية المشروع التحرري.
وفي خضم كل ذلك، يبقى سكان غزة بين مطرقة الآلام التي خلفتها الحرب وسندان المستقبل الغامض، ومع ذلك، فإن التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في القطاع تبقى شاهدًا على قوة صموده وإصراره على الحياة، رغم كل ما يحيط به من محاولات لتقويض حقوقه وأحلامه، وفقًأ لما صرّح به أبو طير لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.