كرادشة لـ"أخبار الأردن": هناك أزمة هوية قيمية
صرّح أستاذ علم الاجتماع، الدكتور منير كرادشة، تعليقًا على الجريمة المروعة المتمثلة في إقدام رجل على إلقاء طفليه في سيل الزرقاء، بأن هذه الحادثة تعكس تغيرات جوهرية أصابت النسيج المجتمعي وأثّرت على القيم الإنسانية التي كانت تمثل الحصن الأخلاقي للعلاقات الاجتماعية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا التغير لم يأتِ بمعزل عن السياقات الاقتصادية والاجتماعية المتشابكة، فهو نتاج تفاعل معقد لعوامل داخلية وخارجية، من أبرزها ظاهرة الهجرة الوافدة وما حملته من تباينات ثقافية وقيمية أدت إلى اهتزاز المنظومة القيمية التقليدية.
وبين كرادشة أن هذه الظاهرة تتداخل معها تحديات داخلية تتعلق بتزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أضعفت الروابط الأسرية وزادت من الضغوط النفسية على الأفراد، مضيفًا أن هذه الضغوط قد تؤدي، في حالات معينة، إلى اضطرابات سلوكية ونفسية تضعف الشعور بالرحمة والإنسانية، وتجعل ارتكاب مثل هذه الجرائم أمرًا واردًا، بل ربما مبررًا لدى مرتكبيها في ظل اختلال نظرتهم للواقع.
وأشار إلى أن المجتمع، في ظل هذه التحولات، يواجه أزمة هوية قيمية تتطلب مواجهة شاملة تتجاوز الحلول السطحية، فالأمر لا يقتصر على تفسير الجريمة من منظور فردي أو نفسي فقط، بل يجب وضعها في سياق أعمق يعكس التحولات التي طرأت على البنية الاجتماعية ككل.
ولفت كرادشة الانتباه إلى أن دور المؤسسات التربوية، والدينية، والإعلامية بات أكثر أهمية من أي وقت مضى لترميم القيم الأخلاقية وتعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية.
واختتم الدكتور كرادشة حديثه بالدعوة إلى تفعيل برامج شاملة للدعم النفسي والاجتماعي تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية للأفراد، خاصة الفئات الأكثر هشاشة، إلى جانب العمل على تقوية الروابط الأسرية كخط دفاع أول ضد مثل هذه الظواهر المؤلمة، مشددًا على أهمية دراسة الأسباب الجذرية التي تقود إلى هذه الجرائم، لضمان إعادة بناء مجتمع متماسك وقائم على أسس من الرحمة والإنسانية.