جريمتا العقبة والزرقاء... خبير يحذر من تهاوي القيم

{title}
أخبار الأردن -

 

الجريمتان اللتان وقعتا مؤخرًا في الأردن، الأولى في العقبة حيث اقتحم ستة أشخاص منزل عائلة واعتدوا بوحشية على شاب ووالدته وشقيقته، فيما كانت الثانية في الزرقاء حيث أقدم رجل ستيني على قتل ابنه وإصابة زوجته بالرصاص نتيجة خلاف عائلي، تعدان انعكاسًا لتحولات اجتماعية واقتصادية عميقة تعصف بالمجتمع، وهي جديرة بالدراسة والتحليل لفهم الدوافع والجذور التي تقف خلفهما، وفقًا لما صرّح به أستاذ علم الجريمة والاجتماع الدكتور جهاد الحجي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أنه يمكن النظر إلى هذه الجرائم من زاوية نظرية الرقابة الاجتماعية التي طرحها ترافس هيرشي، مع ما تؤكده بأن الإنسان يرتبط بمجموعة من القيود الاجتماعية التي تحد من نزوعه إلى ارتكاب الجرائم، وهذه القيود تشمل الروابط الأسرية، الانتماء المجتمعي، الالتزام بالقيم المشتركة، والإيمان بالنظام العام.

وعندما تضعف هذه الروابط، يصبح الأفراد أكثر عرضة للانحراف، وجريمة العقبة تعكس في جوهرها غياب تلك الروابط، سواء على مستوى المعتدين الذين انفصلوا عن أي إحساس بالمسؤولية الاجتماعية، أو على مستوى الضحايا الذين باتوا مكشوفين أمام اعتداء مباشر دون حماية كافية، أما جريمة الزرقاء فتُبرز تفككًا داخل النظام الأسري، حيث تتحول الخلافات العائلية إلى عنف مأساوي، نتيجة انهيار آليات الحوار والاحتواء داخل الأسرة.
ونوه الحجي إلى أنه لا يمكن إغفال دور الظروف الاقتصادية والاجتماعية في تصاعد مثل هذه الجرائم. التكنولوجيا، رغم ما تقدمه من مزايا، أصبحت في بعض الأحيان وسيلة للترويج للعنف، سواء عبر المحتوى الذي يُضفي شرعية على السلوك العدواني أو من خلال تصعيد الخلافات بين الأفراد، وفي ظل التفاوت الاقتصادي، يصبح الفقر والبطالة عوامل أساسية تغذي الإحباط واليأس، ما يدفع الأفراد إلى سلوكيات عنيفة بحثًا عن متنفس لضغوطهم النفسية والاجتماعية، مضيفًا أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في بعض المناطق تُحدث فجوة عميقة بين الأفراد ومجتمعهم، فتتحطم القيود الأخلاقية التي كانت تحول دون الانحراف، لتتحول الأزمات الاقتصادية إلى أزمات اجتماعية خطيرة.

وذكر أن إعادة بناء الروابط الاجتماعية تتطلب جهودًا تتجاوز الحلول السطحية، فعلى المجتمع أن يعيد الاعتبار للأسرة باعتبارها نواة الاستقرار الأخلاقي، من خلال دعم الآباء والأمهات في أداء دورهم التربوي وتعزيز الحوار الداخلي بين أفراد الأسرة، إذ لا يمكن إحداث تغيير حقيقي دون مواجهة جذور الفقر والبطالة التي تخلق بيئة خصبة للجريمة، كما يجب استثمار الموارد بشكل فعّال في خلق فرص عمل مستدامة وتحسين ظروف المعيشة، بما يعيد للفرد شعوره بالكرامة ويعزز انتماءه لمجتمعه.

واستطرد الحجي قائلًا إن جرائم الآونة الاخيرة تكشف عن أزمات مركبة تتشابك فيها العوامل النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، مشيرًا إلى أن المسؤولية مشتركة بين الفرد، والدولة، والمجتمع لإعادة إحياء الرقابة الاجتماعية التي تمنع تكرار مثل هذه الجرائم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير