هذا ما تخبئه الزيارة الأردنية إلى تركيا
قال المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن الزيارة الأردنية المرتقبة إلى تركيا اليوم الاثنين تعد اعترافًا أردنيًا بأهمية الدور التركي المتنامي في الأزمة السورية، حيث تُعتبر تركيا صاحبة اليد العليا في تحديد معالم المستقبل السوري.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا يضع الأردن أمام خيارٍ استراتيجي، يدفعه للتعامل مع القضايا الأكثر تأثيرًا على أمنه واستقراره، والتي تركز على العلاقات الثنائية مع سوريا، مرورًا بالتنسيق الأمني مع الأجهزة الأردنية المختصة، ووصولًا إلى الملفات الحساسة على الحدود التي تشمل الميليشيات المسلحة والتحركات العسكرية.
وبيّن الحوارات أن هذا التنسيق الأردني التركي، يعكس وعيًا متزايدًا لدى الحكومة الأردنية بالمخاطر الجسيمة التي تهدد استقرار المملكة في حال استمرار الفوضى، وعدم ضبط إيقاع العملية السياسية والأمنية في سوريا، إذ لا يخفى على أحد أن تركيا تُعد اليوم الراعي الإقليمي الأساسي للعديد من الفصائل السورية، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام"، والتي، وفقًا للتوجهات التركية، قد شهدت تغييرات محورية تهدف لتخليصها من بقايا التطرف، بما يفتح باب التغيير السياسي في سوريا.
ونوّه إلى أنه لا يمكن التغاضي عن دور السيد أحمد الشرع، أحد الشخصيات الفاعلة القادرة على إدارة عملية سياسية شاملة تضمن مشاركة الجميع في المرحلة القادمة، ولهذا، يسعى الأردن إلى فتح قنوات حوار مع الحكومة التركية بشكل موسع، عاقدًا العزم على تنسيق المواقف مع تركيا، ومتجاوزًا ما حدث من أخطاء استراتيجية سابقة، حين اقتصرت النقاشات على النظام السوري وروسيا، وتجنب التطرق إلى إيران، التي كانت وما زالت تمثل جزءًا من المعادلة الإقليمية المعقدة.
اليوم، يبدو أن الأردن قد تجاوز تلك العوائق الدبلوماسية التي اعترضت مسيرته السياسية في الملف السوري، وبدأ يسير في مسارٍ جديد يتسم بتنسيق متعدد الأطراف، وعلى الصعيد العربي، نجد توجهًا متزايدًا نحو دمشق، حيث تندفع العديد من الدول العربية لمحاولة إعادة ضبط العملية السياسية والأمنية بما يخدم سوريا كدولة متوازنة، ولا يميل لصالح طرف دون آخر. في الوقت ذاته، سعى الأردن للتقارب مع السيد أحمد الشرع، الذي أبدى استعدادًا للتفاهم حول أبرز القضايا التي تهم الأردن، مثل ملف اللاجئين، تهريب المخدرات، وتنامي نشاط الميليشيات، وفقًا لما صرّح به الحوارات لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ولفت الانتباه إلى أن الأردن، على الصعيد التركي، يسعى بجدية لفهم المخاوف التركية في سوريا، مع الإقرار بأهمية المصالح التركية الخاصة، ومن جهة أخرى، تعمل المملكة على تفهم المصالح الأردنية في سوريا، لا سيما على مستوى الأمن والحدود، في مسعى حثيث لإيجاد صيغة سياسية مشتركة، تساهم في ضمان استقرار المنطقة ككل.
وذكر الحوارات أن تركيا، التي تمتلك حدودًا طويلة مع سوريا، تمثل طرفًا رئيسيًا في هذه المعادلة التي يهدف الأردن إلى تحقيق التوازن فيها، لتفادي المخاطر المترتبة على أي تحولات غير مدروسة في سوريا.
واختتم الحوارات حديثه بالقول إن هذه التحركات الأردنية تشير إلى خطوة دبلوماسية هامة، يمكن وصفها بالحكيمة، فالأردن يسعى للمساهمة الفاعلة في تحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا والمنطقة برمتها، ومن هنا، فإن هذه الجهود التنسيقية مع تركيا تمثل خطوة استباقية تهدف إلى تجنب التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية، بما يضمن مصالح الأردن بشكل أساسي، ويسهم في إعادة التوازن لسوريا بما يحقق الاستقرار لها وللدول المجاورة.