مهندس معماري يتحدث عن كابوس يؤرق الأردنيين أثناء فصل الشتاء

{title}
أخبار الأردن -

في قلب الشتاء الأردني القارس، يجد سكان المنازل أنفسهم أمام معضلة لا تخلو من المفارقة، حيث تبدو جدران بيوتهم أشبه بمخازن للبرودة، بينما تكون الأجواء الخارجية، رغم انخفاض درجات حرارتها، أقل وطأة.

هذه الظاهرة، التي لا تتوقف عند حدود الإزعاج، تفتح باب التساؤلات حول الأسباب المعمارية الكامنة وراءها، وما إذا كانت مشكلة تصميمية أم انعكاسًا لفكر معماري موروث يعجز عن التكيف مع التغيرات المناخية والاحتياجات المعيشية.

المهندس المعماري محمد أبو عبيد، قال في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إن هذه المعضلة ليست وليدة الصدفة، فهي نتاج تراكمات طويلة من تصميمات تقليدية تعتمد بشكل كبير على مواد بناء ثقيلة مثل الحجر الطبيعي والخرسانة، وهذه المواد، رغم قوتها وجمالها، تعمل مخزنًا حراريًا في الصيف، لكنها تتحول في الشتاء إلى عازل يحبس البرودة داخل المنازل، ما يجعل الجدران غير قادرة على تحقيق التوازن الحراري المطلوب.

ونوّه إلى أن المشكلة تتجاوز مسألة اختيار المواد لتصل إلى عمق الفكر التصميمي نفسه، ففي الأردن، غالبًا ما يكون التركيز على الجماليات البصرية والتقاليد، مع تجاهل احتياجات السكان اليومية، خصوصًا في الشتاء، وهذا التوجه يعكس غيابًا ملحوظًا للمعايير الحديثة التي تركز على تحقيق الكفاءة الحرارية والاستدامة.

وأشار أبو عبيد إلى أن العمارة الذكية يمكن أن تُحدث تحولًا جذريًا في راحة المنازل، من خلال تصميمات تعتمد على توزيع مدروس للنوافذ يسمح بدخول أشعة الشمس بشكل طبيعي خلال النهار، الأمر الذي يعزز الدفء الداخلي ويقلل من الاعتماد على مصادر التدفئة التقليدية.

كذلك، يمكن استخدام الزجاج المزدوج الذي يقلل من الفقد الحراري، إلى جانب اعتماد تقنيات بناء تراعي توجيه المنزل بما يتناسب مع حركة الشمس.

غير أن الطريق إلى تطبيق هذه الحلول ليس معبدًا، فالتكلفة الابتدائية المرتفعة تُعد أبرز العقبات التي تواجه السكان والمهندسين على حد سواء، ومع ذلك، أشار أبو عبيد إلى أن الاستثمار في بناء مستدام يمكن أن يحقق عوائد ملموسة على المدى الطويل، سواء من حيث توفير استهلاك الطاقة أو رفع جودة الحياة، في وقتٍ يكمن التحدي الحقيقي في تغيير الثقافة المجتمعية والمعمارية نحو تقبل فكرة المنازل الذكية والمستدامة.

وأكد أبو عبيد حجاتنا الملحة إلى حوارٍ وطنيّ جاد، يعيد النظر في أسس التصميم والبناء، ويضع راحة المواطن في قلب المعادلة، دون التضحية بالهوية الثقافية للأردن.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير