ما يجب أن يقال حول جريمة العقبة

{title}
أخبار الأردن -

إذا نظرنا إلى نسب الجرائم المرتكبة في الأردن بين عامي 2018 و2023، نلاحظ تغيرات بارزة تعكس التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها البلد في تلك الفترة، فضلًا عن تأثيرات الأحداث الكبرى مثل جائحة كورونا.

في عام 2018، كان هناك 24,300 جريمة، ليشهد عام 2019، زيادة ملحوظة في الجرائم بنسبة 8%، وصل العدد معها إلى 26,200 جريمة، وهذا الارتفاع قد يُعزى إلى عوامل عدة مثل زيادة الوعي بظاهرة الجريمة، أو ربما زيادة في تقارير الشرطة، وتفعيل النظام القضائي لملاحقة الجرائم.

ثم جاء عام 2020 ليشهد انخفاضاً ملحوظًا في عدد الجرائم، حيث تراجع العدد إلى 22,200 جريمة، أي انخفاض بنسبة 15% مقارنة بالعام الذي قبله، ويمكن تفسير هذا الانخفاض إلى التأثيرات المباشرة لجائحة كورونا، حيث كان الحجر الصحي، إلى جانب الإغلاقات أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى تراجع النشاط الإجرامي بسبب الحد من التنقلات والتجمعات.

لكن في عام 2021، رغم استمرار تداعيات الجائحة، ارتفعت الجرائم قليلًا لتصل إلى 21,000 جريمة، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 5% مقارنة بعام 2020، وهذه الزيادة قد تُعزى إلى حالة القلق الاقتصادي التي تسببت فيها الجائحة وتحديات الحياة اليومية التي أثرت في سلوك بعض الأفراد.

في 2022، شهدت البلاد قفزة كبيرة في عدد الجرائم، حيث ارتفعت النسبة إلى 39,000 جريمة، ليعكس هذا الارتفاع الكبير توترات اجتماعية أو اقتصادية حادة، بالإضافة إلى تأثيرات استمرار الجائحة في فترات معينة من العام، حيث زادت التحديات التي يواجهها المواطنون في مختلف مجالات الحياة.

أما في عام 2023، فقد شهدنا انخفاضًا طفيفًا، حيث تراجع العدد إلى 22,700 جريمة، أي بتراجع نسبته 5% مقارنة بعام 2022، وهذا التراجع قد يكون نتيجة لاستقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، إلى جانب تحسين الإجراءات الأمنية والرقابية التي أدت إلى تقليص معدلات الجريمة.


وفي هذا الصدد، قالت خبيرة علم الجريمة خولة الحسن إنه تم تداول العديد من الجرائم في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يبرز أهمية هذه الوسائل في نقل الأخبار بشكل سريع وفوري، لكنها في نفس الوقت تُعد سلاحًا ذا حدين، فهي تتيح لنا معرفة التفاصيل الدقيقة حول الجرائم فور وقوعها، لكن في بعض الأحيان، يتم إضافة معلومات غير دقيقة أو مبالغ فيها، سواء كانت حقيقية أو غير حقيقية، إذ يصبح النقاش حول الجريمة محملًا بالعواطف، ما يجعلها تبدو أكثر دراماتيكية وأكثر تأثيرًا على المجتمع.

إذا نظرنا إلى جريمة العقبة التي هزّت المجتمع، نجد أنها تعتبر من الجرائم النوعية التي تتسم بالعنف الشديد والتي تثير الصدمة، جريمة كهذه، التي شهدت اعتداءات على أفراد الأسرة، باستخدام أسلحة نارية وبيضاء، تتجاوز الأنماط التقليدية للجريمة في المجتمع الأردني، وفما جرى في هذه الحادثة كان يمثل تحولًا كبيرًا في نوعية الجرائم التي شهدناها في الأردن، وهناك تطور لافت في أسلوب تنفيذ الجرائم، فالجريمة استهدفت عدة أفراد من الأسرة، وازدادت شدتها من خلال استخدام الأسلحة النارية والبيضاء، وفقًا لما صرّحت به.

وأوضحت الحسن أن وقوع مثل هذه الجرائم يلفت الأنظار إلى الظواهر الجديدة التي ربما لم يكن المجتمع قد اعتاد عليها من قبل، كما يظهر التحول في أنماط الجريمة في بعض المناطق، فعلى سبيل المثال، تزايد معدل الجرائم في منطقة العقبة، والتي سجلت إحصائيات مرتفعة مقارنة بالمعدل الطبيعي للجرائم في الأردن، فالمعدل الطبيعي للجرائم في عموم المملكة يبلغ حوالي 20 جريمة لكل 100,000 نسمة، بينما في العقبة يصل المعدل إلى 30 جريمة، الأمر الذي يشير إلى وجود بؤر ساخنة لجرائم معينة، مثل جرائم المخدرات، التي تساهم في زيادة معدلات الجريمة في هذه المنطقة.

ولفتت الانتباه إلى وجود علاقة بين زيادة جرائم المخدرات في العقبة وبين تزايد الجرائم الأخرى، مثل تلك النوعية التي حدثت مؤخرًا، ذلك أن المخدرات تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز هذا التحول في أنماط الجريمة، سواء من حيث التعاطي أو الترويج لها، وعمليات إحباط تهريب المخدرات التي تُجرى بشكل مستمر على الحدود الجنوبية، والتي تُغرق المنطقة بالمخدرات، تؤدي في بعض الأحيان إلى تحفيز الجرائم في المنطقة، وبوجود هذا الضغط، يتزايد عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات، التي غالبًا ما يكون المتورطون فيها من أبناء المنطقة نفسها، مما يساهم في تفاقم الوضع الأمني.

وبالنظر إلى ما شهدناه من حوادث مشابهة، فإن جريمة العقبة تُظهر تحديات أمنية خاصة تستدعي تركيزًا أكبر من الجهات المعنية لتقديم الحلول الفعّالة، وقد تكون هناك حاجة لتعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية والجهات المعنية في مكافحة المخدرات لضمان تقليل هذه الجرائم والحد من تأثيراتها السلبية على المجتمع.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير