الرفوع لـ"أخبار الأردن": سوريا الجديدة من شوكة مسمومة إلى ركيزة قومية

{title}
أخبار الأردن -

أظهر الموقفان العربي والدولي تجاه الثورة السورية مشهدًا مركبًا يعكس في جوهره التوجس الذي سيطر على العديد من دول الإقليم والعالم عند انطلاق هذه الثورة، وفقًا لما قاله الوزير الأسبق فيصل الرفوع.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الثورة السورية تميزت بفرادة استراتيجيتها وتشابك مآلاتها، حتى وُصفت، بحق، من قبل المفكر السياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي بأنها "ثورة الإسلام السياسي-العلماني-الليبرالي"، مضيفًا أن هذا التوصيف يكشف عن طبيعة الثورة التي لم تقتصر على تحدي النظام الحاكم، بل جاءت لتعيد تشكيل قواعد الفعل السياسي والاجتماعي في المنطقة.

وبيّن الرفوع أن مواقف النظام العربي الفاعل والمحيط الإقليمي والدولي تبدو وكأنها تجاوزت ذلك التوجس الأولي، لتبدأ في قراءة التحولات السورية من زاوية مختلفة، فقد أضحت سوريا بالنسبة للكثير من هذه الأطراف نقطة تحول محورية في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية، فسوريا التي مثلت، منذ انهيار الوحدة مع مصر عام 1961 وحتى ديسمبر 2024، "شوكة مسمومة في خاصرة الأمة العربية"، باتت الآن في طور الانتقال إلى لاعب فاعل يحمل ملامح جديدة لموقعه ودوره.

وذكر أن أبرز الدلالات على هذا التحول تتجسد في المواقف الإيجابية من الدول العربية الكبرى، لا سيما المملكة العربية السعودية، وقطر، والأردن، إضافة إلى بقية دول الخليج العربي، ولبنان، والعراق، مشيرًا إلى أن هذه المواقف تعبر عن قراءة استراتيجية لمتطلبات المرحلة، التي تتطلب احتضان سوريا الثورة وإعادتها إلى فضائها العربي بعيدًا عن التمدد الإيراني.

وعلى المستوى الدولي، كانت هناك إشارات إيجابية واضحة من الولايات المتحدة، والدول الأوروبية الكبرى كفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، إلى جانب انفتاح روسي، وصيني على مشهد التغيير.

بيد أن هذا القبول لم يكن شاملًا؛ فلا تزال هناك أطراف، عربية وعجمية، تنظر إلى الثورة السورية بريبة، خاصة فيما يتعلق بالإسلام السياسي، وهذه الريبة ليست جديدة، إذ إنها كانت حاضرة في العلاقات مع تركيا في فترات ماضية، لكنها تلاشت تدريجيًا بعد أن أدركت تلك الدول أهمية تركيا كشريك سياسي، وعسكري، واقتصادي.

ويبدو أن هذا النمط سيتكرر مع سوريا الثورة، خاصة بعد الرسائل التطمينية التي بعثت بها القيادة السورية إلى النظام العربي، مؤكدين ثوابتهم الجديدة: لا لتصدير الثورة، لا للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتصدي الحازم للأطماع الإيرانية التوسعية.

وذكر الرفوع أن اختيار دمشق للرياض كمنصة أولى لتحركاتها الإقليمية والدولية يعد خطوة رمزية تعكس عودة سوريا إلى حضنها العربي، وتجدد ولاءها لهويتها القومية التي أُريد لها أن تُطمس منذ انقلاب عام 1963، وهو ما تدركه سوريا الجديدة بأن عمقها العربي هو سندها الوحيد في مواجهة التحديات، وأن مصيرها مرتبط بمصير الأمة العربية.


وتابع الرفوع قائلًا إن المستقبل يحمل فرصة ذهبية لتجسير الفجوات بين سوريا والدول التي لا تزال متوجسة منها، منوهًا إلى أن الزمن وحده كفيل بأن يجعل الجميع يدرك أن عودة سوريا إلى الصف العربي ضرورة وجودية للأمة في مواجهة التحديات الكبرى.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير