ما يجب معرفته عن عقود الإيجار
مطلع كل عام يشكل فرصة للعديد من المتعاقدين لمراجعة شروط العقود التي تربطهم والالتزامات الناجمة عنها، سواء من ناحية الأجرة أو المدة أو غيرها من البنود التي تتضمنها تلك العقود.
في إطار هذه المراجعات، يطرح العديد من التساؤلات التي ترتبط بالفوارق بين العقارات السكنية والتجارية، وما إذا كانت حقوق مالك العقار التجاري تختلف عن حقوق مالك العقار السكني، فضلًا عن حقوق المستأجر والتزاماته في الحالتين. كذلك، يتساءل البعض عن إمكانية تجديد العقود بشكل تلقائي مع بداية كل عام، وما هي الأحكام القانونية التي تحكم هذه المسألة.
وفي هذا الصدد، قال المحامي عز الدين الفقيه، لدى حديثه لقناة المملكة، رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، إن عقد الإيجار، كما ورد في التشريعات المدنية الحديثة، يُعرف بأنه اتفاق يُبرم بين طرفين، وهما المؤجر والمستأجر، ويتضمن إيجابًا وقبولًا بينهما بهدف استخدام عين مؤجرة مقابل بدل إيجار محدد، مضيفًا أن هذا العقد قد يكون مكتوبًا، يُبرم بشكل رسمي وموثق، أو قد يكون شفهيًا، يُعتمد فيه على الشهود وطرق الإثبات الأخرى.
في الحالتين، يظل هذا العقد ملزمًا للطرفين، ويُحكم بمبدأ قانوني يُعرف بـ"العقد شريعة المتعاقدين"، والذي يعني أن كل ما يتفق عليه الطرفان ضمن إطار القانون يصبح ملزمًا لهما
وفي سياق الحديث عن تطور القوانين المتعلقة بالإيجارات، من المهم الإشارة إلى أن قانون المالكين والمستأجرين الذي كان معمولًا به حتى نهاية أغسطس 2000 كان يمنح المستأجر حقوقًا واسعة قد تصل إلى حد اعتبار العقار المؤجر بمثابة ملكية شبه دائمة له طالما كان ملتزمًا بدفع الأجرة، ولكن مع التحديثات التشريعية التي طرأت لاحقًا، تم إدخال تعديلات جوهرية تهدف إلى تحقيق توازن عادل بين حقوق الطرفين، فقد أصبحت العلاقة بين المؤجر والمستأجر محكومة بضوابط القانون المدني الذي يضمن العدالة ويضع حدًا لأي تجاوزات قد تحدث.
أما فيما يتعلق بالفوارق بين العقارات السكنية والتجارية، أوضح أن الغاية من استخدام العقار هي التي تحدد تصنيفه، فالعقار السكني يُخصص للعيش والإقامة، بينما يُخصص العقار التجاري لممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية، وعلى هذا الأساس، توجد مناطق محددة يُسمح فيها باستخدام العقارات لغرض معين، وفقًا لطبيعة تلك المناطق وتصنيفها، فلا يجوز، على سبيل المثال، استخدام عقار سكني لممارسة نشاط تجاري في منطقة مخصصة للسكن فقط، كما لا يُسمح باستخدام عقار تجاري لغرض السكن في منطقة تجارية.
وفيما يخص حقوق المالك والمستأجر، فإن القانون يضع إطارًا واضحًا لهذه الحقوق في كلتا الحالتين، فبالنسبة للمالك، يُمنح الحق في فسخ العقد إذا أخل المستأجر بشروطه، مثل الامتناع عن دفع الإيجار لفترة معينة قد تُحدد في العقد (كشهرين متتاليين مثلًا). في مثل هذه الحالات، يُصبح من حق المالك اللجوء إلى المحاكم المختصة لاستعادة العقار المؤجر، دون الحاجة لإصدار إنذارات متكررة. وعلى الجانب الآخر، يُمنح المستأجر حق الانتفاع بالعقار طوال مدة العقد طالما كان ملتزمًا بالشروط المتفق عليها.
وفي هذا السياق، من الضروري التأكيد على أهمية توثيق جميع العقود والاتفاقات. فعلى الرغم من أن العقود الشفهية تُعتبر قانونية ويمكن إثباتها بالشهود، إلا أن العقود المكتوبة تظل الوسيلة الأفضل لحفظ الحقوق وتجنب النزاعات. كما يُنصح بالحصول على إيصالات دفع الأجرة بشكل منتظم وتوثيقها، لتجنب أي إشكاليات قد تنشأ في المستقبل، سواء مع المالك أو مع الورثة في حالة وفاته.
من النصائح المهمة التي يمكن تقديمها للطرفين، المالك والمستأجر، ضرورة التفاهم الكامل والشفاف على جميع شروط العقد قبل توقيعه. ينبغي الاتفاق على مدة العقد، قيمة الأجرة، آلية السداد، والصيانة والمسؤوليات المتعلقة بها. كما يجب على المستأجر الحرص على توثيق كل دفعة مالية بسند قبض رسمي، والاحتفاظ بنسخة منه لتجنب أي خلافات مستقبلية