الهرولة صوب الإدارة الجديدة في سوريا... تأييد مطلق أم تقرب تكتيكي؟
قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن الدول العربية، بذلت خلال السنوات الماضية، بالتعاون مع الولايات المتحدة وعدد من القوى الدولية، جهودًا مكثفة لإعادة تأهيل النظام السوري وفصله عن إيران، غير أن هذه المحاولات لم تحقق أهدافها، إذ بقي النظام السوري متمسكًا بدوره كجسر رئيسي لإيران في المنطقة، ما أحبط كل المساعي الرامية لتقويض نفوذ طهران.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأسد أصر على إبقاء إيران لاعبًا أساسيًا في سوريا، وهو موقف يتعارض مع الاستراتيجيات الدولية التي تبنتها قوى كبرى، والتي هدفت إلى "تقطيع الأذرع تمهيدًا لضرب الرأس".
في هذا السياق، أصبحت الاستراتيجية واضحة، والمتمثلة في تحييد إيران من المشهد السوري، معتبرة ذلك مدخلًا رئيسيًا لتقليص نفوذها الإقليمي، فقد كان سقوط نظام الأسد مفتاحًا لإنهاء هذا الدور الإيراني، إذ يعتمد "حزب الله" بشكل كبير على الدعم الذي توفره طهران عبر سوريا، ومع انسداد هذا الطريق الحيوي، سيشهد "حزب الله" تراجعًا تدريجيًا في قدراته، خاصة في ظل القطيعة التي تعكف عليها إسرائيل وبعض القوى الإقليمية، والتي تستهدف فصل العلاقة العضوية بين سوريا وإيران، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
كما أن إيران، بعد خسارتها سوريا كقاعدة دعم أساسية، ستواجه ضغطًا متزايدًا في لبنان، ومع تراجع تأثيرها في الساحة اللبنانية، تُصبح طهران معرّضة لخسارة نقاط ارتكازها الاستراتيجية في المنطقة، أما في اليمن، فتبدو الخطة الدولية أكثر وضوحًا؛ إذ يجري العمل على إضعاف الحوثيين بشكل منهجي، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع الدور الإيراني هناك.
وفي العراق، هناك حديث جاد حول تفكيك الميليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها إلى الدولة، وهذا المسعى يتماشى مع تطلعات بغداد للحفاظ على استقرارها وتجنب الانزلاق في مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة في ضوء ما يدركه القادة العراقيون عن طبيعة الاستراتيجية الأمريكية القادمة.
وأشار الحوارات إلى أن التقارب الأخير لبعض الدول مع النظام الجديد في دمشق لا يُعزى إلى حُب أو تأييد مطلق له، بل يُنظر إليه كخطوة مؤقتة لتحقيق توازنات إقليمية في ظل عملية استنزاف النفوذ الإيراني، وهذا التقارب يُمكن وصفه بأنه "تكتيكي"، إذ يسعى إلى تثبيت أقدام النظام السوري الجديد، ولو لفترة وجيزة، لحين القضاء على الأذرع الإيرانية في سوريا، ومن المحتمل أن يشهد المستقبل صياغة جديدة للحكم في سوريا، يتسم بطابع غير ديني، ما قد يُسهم في تحقيق قبول دولي أوسع لهذا النظام.
في هذه المرحلة، يُلاحظ أن هناك جهودًا من قبل شخصيات قيادية، مثل السيد أحمد الشرع، لتقديم تطمينات قوية إلى الداخل السوري والخارج، مؤكدًا أن النظام الجديد سيكون أكثر انفتاحًا على مختلف الآراء الوطنية، وهذه التحركات تهدف إلى تعزيز الاعتراف الإقليمي والدولي بالنظام، غير أن المعادلة تبقى مشروطة بتنفيذ المهام المرسومة، وأي خطأ قد يرتكبه النظام أو قيادته قد يُعيد تشكيل المشهد مرة أخرى، وربما يقود إلى تغييرات جذرية في موازين القوى.