حصاد 2024: الفرص الضائعة مقابل مفاتيح العبور نحو اقتصاد أردني متين
مع اقتراب عام 2025، يجد الاقتصاد الأردني نفسه في مفترق طرق يجمع بين تحديات عميقة الجذور وفرص تستدعي استثمارًا حكيمًا.
ووفقًا للخبير الاقتصادي حسام عايش، فإن التقديرات الرسمية تشير إلى إمكانية تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.5%، بينما يرفع صندوق النقد الدولي التوقعات إلى 2.9%، مع احتمال تجاوز النمو حاجز 3% خلال السنوات اللاحقة، وهذه التوقعات تحمل في طياتها رهانات معقودة على استقرار إقليمي لم يتحقق بعد، خاصة في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أثقلت كاهل اقتصادات المنطقة، بما فيها الاقتصاد الأردني.
القطاع السياحي: بين آمال التعافي ومخاطر الركود
وأشار في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن إشارات التعافي التدريجي في القطاع السياحي غير كافية، ذلك أن البيانات تكشف عن هشاشة هذا التعافي؛ فقد انخفضت الإيرادات السياحية بنسبة 3% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي، ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على استعادة القطاع لنشاطه بفضل مبادرات استراتيجية لتعزيز مكانة الأردن كوجهة سياحية عالمية، إلا أن هذا الأمل مرهون بقدرة القطاع على تجاوز تحديات متراكمة، تشمل البنية التحتية والخدمات المساندة.
الصادرات الأردنية: محرك جديد للنمو
وذكر عايش أن الصادرات الأردنية شهدت نموًا ملحوظًا خلال العام الحالي، في مشهدٍ يعكس فرصًا متنامية لتوسيع قاعدة المنتجات الأردنية في الأسواق الإقليمية. ومن أبرز هذه الفرص احتياجات السوق السورية المتزايدة، حيث يُتوقع أن يؤدي الأردن دورًا استراتيجيًا في تلبية هذه المتطلبات، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الزراعة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية. هذا التحسن يعكس إمكانات غير مستغلة يمكن البناء عليها لتحقيق قفزات نوعية في الأداء الاقتصادي.
تجارة الترانزيت واستعادة الشراكات الأوروبية
يتطلع الأردن إلى عام 2025 لإعادة إحياء تجارة الترانزيت، مستفيدة من تحسن العلاقات مع سوريا وفتح الممرات البرية إلى تركيا وأوروبا، وهذا التطور يمثل فرصة ذهبية لاستعادة الأسواق الأوروبية التي تراجعت نتيجة الأزمات الإقليمية، ويمنح الأردن مزيدًا من العمق الاقتصادي عبر تعزيز دوره كمحور لوجستي إقليمي.
وأشار إلى أن الآمال المرتبطة بفرص النمو مرهونة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، الذي ما زال بعيد المنال. إن وقف الحرب على غزة، وتهدئة التوترات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تمثل شروطًا حاسمة لتحقيق بيئة مواتية للاستثمار والتجارة. فالاقتصاد الأردني، بحكم موقعه الجغرافي، يتأثر مباشرةً بتقلبات السياسة الإقليمية.
الإصلاحات الاقتصادية: مفاتيح العبور إلى المستقبل
يدخل الأردن عام 2025 وهو على مشارف إتمام المرحلة الأولى من رؤية التحديث الاقتصادي (2023-2025)، التي ركزت على تطوير البنية التحتية الرقمية وتحسين البيئة الاستثمارية. ومع تشكيل حكومة جديدة، تتزايد التطلعات إلى استكمال هذه الجهود، عبر إطلاق مشاريع استراتيجية تعزز التنافسية وتخلق فرص عمل مستدامة.
التحديات المالية والديون: عقبة أمام التطلعات
رغم تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 2.3% خلال العام الحالي، إلا أن هذا الأداء يظل أدنى من التطلعات، خاصة في ظل استمرار تصاعد المديونية، التي بلغت 44.2 مليار دينار، ما يعادل 117% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه الأرقام تعكس تحديًا هيكليًا يتطلب معالجة جذرية، عبر سياسات مالية أكثر صرامة وابتكارية.
بين تحديات عميقة وفرص واعدة، يواجه الاقتصاد الأردني عام 2025 بمعادلة معقدة تتطلب تضافر الجهود لتحقيق التوازن المنشود. يعتمد النجاح على استقرار سياسي يفتح الأبواب أمام استثمار الطاقات الكامنة، واستمرار الإصلاحات الاقتصادية بجرأة وإبداع. الأردن يقف على عتبة تحول ممكن، لكن تحقيقه مرهون بإرادة حاسمة ورؤية بعيدة المدى.