الأردنيون في أتون الصراع السوري... مسارات الانضمام ومآلات المصير
قال الخبير الأمنيّ والعسكريّ الدكتور عمر الرداد إنه على مدار السنوات الماضية، انخرط عدد من الأردنيين في القتال داخل الأراضي السورية، وكان المسار الغالب لانضمامهم يبدأ بتنظيم "القاعدة" قبل أن ينتقل معظمهم لاحقًا إلى تنظيم "داعش" مع تصاعد الخلافات الفكرية والتنظيمية بين التيارات الجهادية، والتي بلغت ذروتها منذ عام 2014.
ورجّح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن غالبية هؤلاء الأفراد لا يزالون مرتبطين بتنظيم "داعش"، حيث تشكلت بينهم وبين التنظيم روابط عقائدية وتنظيمية قوية.
وبيّن الرداد أنه من الملاحظ أن "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال سوريا، لا تضم عناصر أردنية تُذكر، ويُعزى ذلك إلى طبيعة الانقسامات داخل المشهد الجهادي، حيث انحاز الأردنيون بشكل عام إلى تنظيم "داعش" أو بقوا مرتبطين بـ"جبهة النصرة" قبل انشقاقها عن "القاعدة"، ولم تكن هناك استقطابات كبيرة للأردنيين نحو "هيئة تحرير الشام"، خاصة في مناطق مثل إدلب.
وأوضح أن عدد الأردنيين الذين لا يزالون يقاتلون ضمن صفوف التنظيمات المسلحة في سوريا يتراوح حاليًا بين 600 إلى 700 عنصر، بينهم قياديون، مضيفًا أنه من المهم الإشارة إلى أن هذا العدد كان أعلى بكثير في السنوات الأولى للثورة السورية، إلا أن العديد منهم قُتلوا في المعارك التي اندلعت على مدار العقد الماضي، سواء مع "القاعدة"، أو "جبهة النصرة"، أو لاحقًا مع "داعش".
وذكر الرداد أن عددًا من هؤلاء الأردنيين اصطحبوا عائلاتهم، خاصة أولئك الذين انضموا إلى تنظيم "داعش"، حيث انتقلوا برفقة زوجاتهم وأطفالهم إلى مناطق سيطرة التنظيم، ومع ذلك، لا توجد إحصاءات دقيقة توثق حجم هذه الأسر، خاصة أن البيانات الرسمية في هذا السياق غائبة أو غير مُعلنة، إذ إنه من المرجح ألا يكون جميع من هناك متزوجين أو لديهم أسر.
بالنظر إلى الأوضاع الراهنة، تبدو احتمالات عودة الأردنيين المنخرطين في هذه التنظيمات إلى وطنهم ضئيلة جدًا، والسبب الرئيس وراء ذلك هو إدراكهم أن عودتهم ستؤدي إلى اعتقالهم فورًا، ومحاكمتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ومن ثم إيداعهم السجون، وهذه الحقيقة تجعل خيار العودة بالنسبة لهم غير مغرٍ، سواء بمبادرتهم الشخصية أو نتيجة ضغوط خارجية، مما يدفعهم إلى تفضيل البقاء في سوريا رغم المخاطر، بل وربما الموت في ساحات القتال، على مواجهة السجن في الأردن.
أما فيما يتعلق بفرص تجنيس هؤلاء أو إعادة دمجهم في المجتمع المحلي في سوريا، فإن هذا الخيار يبدو مستبعدًا تمامًا، على صعيد آخر، "هيئة تحرير الشام"، التي تسعى للإطاحة بالنظام السوري، تعيش صراعًا محتدمًا مع تنظيم "داعش"، يتجاوز الخلافات الفكرية ليشمل الصراع على القيادة والسيطرة الميدانية.
وقد لعبت "هيئة تحرير الشام" دورًا محوريًا في إضعاف "داعش" في مناطق مثل إدلب، من خلال عمليات استهداف منظمة لقادة التنظيم. وبحسب تقارير موثوقة، فإن الهيئة أسهمت بشكل مباشر في الإيقاع ببعض خلفاء "داعش"، مما زاد من حدة العداء بين الطرفين.