أسئلة مهمة حول قدرة الأردن على مواجهة موجة التصحر القادمة
قال الخبير الاقتصادي هاشم عقل إن التصحر يشكل أحد التحديات البيئية الأكثر خطورة التي تواجه الأردن، حيث تهدد هذه الظاهرة الأمن الغذائي، واستدامة الموارد الطبيعية، والاستقرار الاقتصادي للمجتمعات الريفية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه مع تزايد الضغوط الناتجة عن تغير المناخ وندرة المياه، يبرز البحث عن حلول مبتكرة ومستدامة كأولوية وطنية، وفي هذا السياق، تُعد التجربة الصينية في مكافحة التصحر نموذجًا مُلهمُا يمكن للأردن أن يستفيد منه، مع تكييفه وفقًا لاحتياجاته وظروفه البيئية الفريدة.
في مواجهة تحول 30% من أراضيها إلى صحارى، لجأت الصين إلى حلول غير تقليدية، من أبرزها إطلاق 1.2 مليون أرنب في المناطق المتصحرة، إذ تعتمد هذه الاستراتيجية على خصائص الأرانب البيئية، فهي تسهم في تحسين التربة واستعادة الغطاء النباتي من خلال أنشطتها الطبيعية، كما أنها تقوم بحفر التربة بحثًا عن جذور النباتات، ما يساعد على تهويتها وتحفيز نمو النباتات الجديدة، فضلًا عن ذلك، تحتوي فضلات الأرانب على بذور النباتات، مما يسهم في انتشارها بشكل طبيعي في المناطق المحيطة.
وأشار عقل إلى أن نتائج هذا المشروع كانت مدهشة؛ إذ ارتفعت نسبة الأراضي التي تغطيها النباتات في الصين من 3% إلى 84% خلال أقل من عقد، محققة تحولًا بيئيًا ملحوظًا أعاد التوازن الطبيعي إلى مناطق واسعة، فقد ساهم في الحد من زحف الرمال، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز التنوع البيولوجي.
ونوّه إلى أن التصحر في الأردن يمثل تهديدًا مباشرًا لخصوبة الأراضي الزراعية والغطاء النباتي، خصوصًا في المناطق الشرقية والجنوبية، ومع امتداد المناطق الصحراوية وندرة الموارد المائية، يمكن النظر إلى النموذج الصيني كمصدر إلهام لتطبيق حلول طبيعية منخفضة التكلفة ومستدامة.
واستطرد عقل قائلًا إنه يمكن للأردن أن يبدأ بإطلاق مشروع تجريبي في مناطق مختارة مثل البادية الجنوبية أو المناطق القريبة من محمية الأزرق، مع إدخال أنواع معينة من الحيوانات البرية المحلية، بما يتناسب مع خصائص البيئة الأردنية، لتلعب دورًا مشابهًا لدور الأرانب في التجربة الصينية، فعلى سبيل المثال، يمكن الاستفادة من الأرانب أو الكائنات البرية الأخرى التي تعيش في الصحراء الأردنية وتتكيف مع بيئتها القاسية، مع إجراء دراسات دقيقة لضمان توازن النظام البيئي ومنع أي آثار جانبية غير مرغوبة.
وذكر أنه يمكن دمج هذه الجهود مع مشاريع التشجير الوطني، مثل برنامج "زراعة المليون شجرة"، باستخدام أنواع نباتية مقاومة للجفاف وتسهم في تثبيت التربة، ومع تطبيق أنظمة ري حديثة تعتمد على تقنيات توفير المياه، مثل الزراعة بالري بالتنقيط أو حصاد مياه الأمطار، يمكن تحقيق استدامة لهذه المشاريع البيئية.
ولفت عقل الانتباه إلى أن التجربة الصينية تظهر أن مكافحة التصحر تمتد إلى تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية، وبالنسبة للأردن، فإن تحسين جودة التربة وزيادة الغطاء النباتي يمكن أن يُسهم في تعزيز الإنتاج الزراعي ودعم المجتمعات المحلية من خلال خلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى ذلك، فإن تحسين الغطاء النباتي يقلل من آثار التغير المناخي، مثل زحف الرمال والعواصف الترابية، التي تؤثر سلبًا على الصحة العامة والبنية التحتية.
ولتبني هذه التجربة بنجاح، يحتاج الأردن إلى الاستثمار في البحث العلمي والشراكات الدولية مع الجهات التي تمتلك خبرات في هذا المجال، بما في ذلك الصين، كما يتطلب الأمر تطوير سياسات وطنية شاملة تُعطي الأولوية لمكافحة التصحر ضمن رؤية متكاملة للتنمية المستدامة.
وتساءل عقل ما إذا كان الأردن سيكون قادرًا على الاستفادة من هذا النموذج الرائد، ليصبح مثالًا إقليميًا يُحتذى به في مواجهة التصحر، مضيفًا أن الإجابة تكمن في مدى قدرة الأردن على استثمار المعرفة العالمية وتكييفها مع موارده وظروفه البيئية لتحقيق نقلة نوعية في إدارة أراضيه وصحرائه.