بعد الخروج من محور المقاومة.. علاقة مضطربة يشوبها الوعيد بين إيران وسوريا الجديدة
كان سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الجاري بمثابة صدمة أربكت كل حسابات النظام الإيراني، وجعلت سوريا خارج "محور المقاومة"، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
ومنذ صعود تحالف الفصائل المسلحة بقيادة أحمد الشرع، المعروف بـ"أبو.محمد الجولاني"، زعيم "هيئة تحرير الشام"، إلى سدة الحكم في دمشق، توالت التصريحات الإيرانية ما بين اتهامات للحكومة الانتقالية الجديدة وتحذيرات من مستقبل غامض يلوح في الأفق السوري.
وقد صرح المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال مشاركته في احتفالية دينية بطهران يوم الأحد 22 ديسمبر الجاري، بأنَّ إيران ليست بحاجة إلى قوات بالوكالة في المنطقة. وأضاف: "يتحدثون باستمرار عن أن الجمهورية الإسلامية فقدت قواتها الوكيلة في المنطقة، هذا ادعاء خاطئ آخر... إذا أردنا يومًا ما اتخاذ إجراء ضد العدو، فلن نحتاج إلى وكلاء".
وتوقع خامنئي أن تخرج ما وصفها بـ"مجموعة من الشرفاء" لتغيير الوضع الجديد وإخراج من سماهم "المتمردين" من السلطة. وتابع حديثه مخاطبًا السلطات السورية الجديدة: "لم تكن هناك قوة إسرائيلية ضدكم في سوريا. التقدم بضع كيلومترات ليس انتصارًا؛ لم يكن هناك عائق أمامكم. وبطبيعة الحال، فإن شباب سوريا الشجعان سيخرجونكم منها بالتأكيد".
وأشار خامنئي في معرض حديثه إلى سوء حالة الشباب السوري بعد سقوط نظام الأسد، قائلاً: "اليوم، الشباب السوريون لا يملكون ما يخسرونه؛ مدارسهم وجامعاتهم ومنازلهم وشوارعهم غير آمنة، لذلك، يجب أن يقفوا بقوة الإرادة ضد مخططي ومنفذي الفوضى ويتغلبوا عليهم".
وبحسب تصريحات نقلها موقعه الرسمي، وصف خامنئي الفصائل المسلحة التي أسقطت النظام السوري السابق بأنهم مجموعة من "مثيري الفوضى" بدعم وتخطيط من "دول أجنبية" استغلت الضعف الداخلي في سوريا لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار، على حد قوله.
وكان خامنئي قد صرح في وقت سابق، يوم 11 ديسمبر الجاري، بأن إسرائيل والولايات المتحدة "مخطئتان تمامًا" في تصورهما أن محور المقاومة المدعوم من طهران قد انهار مع الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا.
وعلى النسق نفسه، أعلن محسن رضائي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق لـ"الحرس الثوري" الإيراني، أن "الشباب والشعب السوري المقاوم لن يصمتوا أمام الاحتلال والعدوان الخارجي، أو أمام محاولات التفرد الداخلي من قبل أي جماعة".
وأضاف رضائي في بيان نشره يوم الأربعاء الماضي عبر موقع "إكس": "خلال أقل من عام، سيُعاد تشكيل المقاومة بثوبها الجديد لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي الخبيث المضلل في المنطقة ومن انخدع به".
ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في 24 ديسمبر الجاري، أنه "من المبكر للغاية الحكم على مستقبل سوريا، حيث يمكن للكثير من العوامل أن تؤثر بشكل كبير على الوضع السياسي هناك".
وأوضح عراقجي أن "من يعتقدون حاليًا بتحقيق انتصارات مؤكدة في سوريا عليهم التمهل في الحكم، فالتطورات المستقبلية كثيرة".
وقد أثارت تصريحات عراقجي رد فعل من الإدارة السورية الجديدة، إذ نشر وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني بيانًا عبر حسابه على منصة "إكس" بعد ساعات من تلك التصريحات، قال فيه: "يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، ونحذرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة".
تأتي هذه التصريحات الإيرانية لتؤكد أن طهران لا تزال رافضة للوضع الراهن والإدارة الجديدة في دمشق. ويتجلى ذلك في اضطراب الموقف الإيراني بشأن إعادة فتح السفارتين في دمشق وطهران.
وقد أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، الثلاثاء الماضي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، أن هناك محادثات دبلوماسية جارية لإعادة فتح السفارتين في البلدين، وأن "الطرفين مستعدان لذلك"، وفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".
ورغم ذلك، وبعد أقل من 24 ساعة، تراجعت مهاجراني عن تلك التصريحات مشيرة إلى أنها قد أُسيء تفسيرها.
وقالت: "إن إيران ستتخذ قرارها بناءً على سلوك وأداء الحكام المستقبليين في سوريا".