بقايا نظام الأسد ومحاولات تهويد مشروع سوريا الجديدة
قال الكاتب الصحافي سامر خير أحمد إنه تسود بعض الأوساط اعتقادات مغلوطة تربط بين تصريحات أطلقها عدد من مسؤولي النظام الإيراني، تحذر من تصاعد مقاومة شعبية ضد الإدارة الحالية في سوريا، وبين الحراك الشعبي الذي شهدته حمص ومناطق الساحل، والذي ارتفعت فيه شعارات طائفية ذات طابع علوي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن البعض يرى في هذا الترابط مؤشرًا على تحرك إيراني يهدف إلى حشد الطائفة العلوية لمواجهة السلطة الجديدة ذات الطابع السني، في خطوة تنذر باندلاع حرب أهلية طائفية شاملة.
وبيّن خير أحمد أن هذا التصور يعيد إلى الأذهان مشاهد الصراعات الطائفية التي اجتاحت العراق عقب الاحتلال الأمريكي في عام 2003، وينطلق من فرضية راسخة مفادها أن إيران لن تسمح بالتفريط في نفوذها داخل سوريا، خاصة وأن هذا النفوذ كان ركيزة أساسية في بناء مشروعها الإقليمي، ومع ذلك، فإن هذا الرأي يفتقر إلى الشمولية، حيث يتجاهل متغيرات جوهرية تشير إلى أن المشهد الحالي يتسم بتعقيدات مختلفة تمامًا.
ونوّه إلى أن إيران، التي كانت سابقًا قادرة على تحريك أوراقها الإقليمية بكفاءة، باتت الآن تعاني من تضييق الخناق على نفوذها الخارجي، نتيجة الضربات التي تلقتها في كل من لبنان وسوريا، مضيفًا أن قدرة حزب الله العسكرية تراجعت، وانتهى النظام السوري السابق الذي كان يمثل حليفًا استراتيجيًا لها، ومع تزايد المخاطر التي تهددها مباشرة، أصبحت القيادة الإيرانية مضطرة للانكفاء داخل حدودها والتركيز على معالجة أزماتها الداخلية، بدلًا من التورط في مغامرات خارجية قد تعمّق من أزماتها الاقتصادية والسياسية.
من ناحية أخرى، فإن قراءة موقف الطائفة العلوية نفسها يكشف عن توجه مختلف عما يتم ترويجه، فالطائفة، التي عانت من استنزاف كبير بسبب ارتباطها بالنظام السابق، لا تبدو متحمسة لخوض صراع طائفي جديد، خاصة في ظل إدراكها أن الانخراط في عملية وطنية جامعة هو الخيار الأمثل لحفظ حقوقها وضمان مستقبل أبنائها. الدعوة التي أطلقها أحد قادة الطائفة يوم أمس للتفريق بين "الطائفة العلوية" و"الطائفة الأسدية" تعكس رغبة واضحة في النأي بالنفس عن المتورطين بجرائم النظام، شرط ضمان حقوق الطائفة ضمن إطار وطني لا يقصي أحدًا، وفقًا لما صرّح به خير أحمد لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر أن التوترات الحالية لا يمكن قراءتها كمخطط إيراني منظم أو تحركات طائفية ذات طابع استراتيجي، بل هي في جوهرها محاولات يائسة من بقايا النظام السابق، مشيرًا إلى أن هذه القوى، التي تدرك أن زمن نفوذها قد ولّى، تسعى بكل السبل لإثارة الفوضى كوسيلة للنجاة من المساءلة والعزلة، وما يحدث ليس إلا محاولات فاشلة لإطالة عمر قوى فقدت شرعيتها وأدوات سيطرتها، في ظل مشهد جديد يتجه نحو إعادة بناء الوطن على أسس مختلفة.