تحولات اجتماعية مؤلمة وأعباء جديدة على المرأة
قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور منير الكرادشة إن المجتمعات المعاصرة تعيش في مرحلة تحولات اجتماعية وثقافية جذرية، فمع تطور حركة المساواة بين الجنسين والتغيرات الاقتصادية والسياسية، شهدت البنية المجتمعية تحولًا كبيرًا في فهم الأدوار التقليدية بين الرجل والمرأة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأدوار قُسِّمت في الماضي بالاعتماد على القوة، حيث ارتبطت القوة الحصرية للرجل بمجالات العمل العام والمسؤوليات الاقتصادية، بينما كانت المرأة محصورة غالبًا في دور رعاية الأسرة والاهتمام بالأعمال المنزلية.
وبين الكرداشة أن التغيرات الثقافية والتطورات الاجتماعية مع مرور الزمن، أسهمت في تلاشي هذه الحدود تتلاشى تدريجيًا، ليشهد العالم اليوم انتقالًا نحو مفهوم أوسع للمساواة بين الجنسين، إذ بدأ هذا التغيير في الخروج من نطاق التعليم والعمل، ليطال بشكل أعمق المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تعد تقليديًا حكرًا على الرجل، ومن أبرز مظاهر هذا التحول هو دخول المرأة إلى مجالات عمل كانت تُعتبر في الماضي غير مناسبة لها، مثل العمل في محطات الوقود، أو المواقع الصناعية، أو حتى الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا مضاعفًا.
تحولات اجتماعية مؤلمة وأعباء جديدة على المرأة
لا شك أن إتاحة الفرصة للمرأة للعمل في قطاعات متنوعة ومنحها أدوارًا مؤثرة في المجتمع يعكس تقدمًا حضاريًا، ولكن هذه التغيرات الاجتماعية ليست خالية من الآثار السلبية، وفي الواقع، فإن دمج المرأة في مجالات العمل التي تتطلب مجهودًا بدنيًا أو ساعات عمل طويلة، مثل العمل في محطات الوقود أو المصانع، يحمل أيضًا عبئًا مضاعفًا على المرأة، فغالبًا ما تُجبر على التوفيق بين هذه الأعمال الشاقة وبين مسؤولياتها الأسرية التقليدية، وفقًا لما صرّح به الدكتور منير الكرادشة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وقال إن المرأة اليوم تواجه تحديًا مزدوجًا، فهي مطالبة بتحقيق النجاح في العمل وتقديم أفضل ما لديها في بيئات قد تكون غير مهيأة لها بالكامل، إلى جانب تحملها مسؤوليات رعاية الأطفال والاهتمام بالأسرة.
دور المجتمع في إعادة تشكيل الأدوار والهوية الاجتماعية
ولفت الكرادشة الانتباه إلى أن هذه التحولات في الأدوار الاجتماعية والاقتصادية تعد جزءًا من عملية إعادة تشكيل للهوية الاجتماعية في المجتمعات المعاصرة، إذ إن هذه التغيرات تحمل في طياتها دلالات عميقة حول كيفية تطور مفهوم "النجاح" في المجتمع، ففي حين أن دخول المرأة إلى ميادين العمل لا يعكس فقط رغبتها في المشاركة الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضًا يعكس رغبة المجتمع في تقدير العمل الجماعي والمساواة بين الأفراد، بغض النظر عن جنسهم.
ونوّه إلى أنه لا يمكن إغفال العبء النفسي والجسدي المترتب على المرأة جراء هذه التحولات، فقد أظهرت العديد من الدراسات الاجتماعية والنفسية أن الضغط الناتج عن محاولتها التوفيق بين العمل والمسؤوليات الأسرية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل التوتر والاكتئاب، الأمر الذي يعيق قدرتها على تحقيق التوازن بين هذه الأدوار المتعددة. وبالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه الضغوط إلى تدهور نوعية الحياة الأسرية، مما يتسبب في تفكك الأسرة في بعض الأحيان.