مؤشرات مقلقة تهدد وحدة المجتمع وتماسكه

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الكاتب الدكتور إبراهيم الغرايبة إن المدن ظاهرة إنسانية فريدة تحمل في طياتها إمكانات عظيمة للتقدم والازدهار، لكنها في الوقت ذاته تواجه تحديات معقدة تتعلق بطبيعة المجتمع والعلاقة بين أفراده.

وتساءل في حديثٍ خاص مع صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية عن إمكانية بناء منظومة اجتماعية وثقافية خاصة بالمدن، قادرة على حماية المجتمع وتوفير الرضا والاندماج للأفراد، إلى جانب الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين الحفاظ على فردانية الإنسان وخصوصيته وبين دمجه ضمن نسيج مجتمعي أوسع يضمن الانتماء والمشاركة.

وأوضح الغرايبة أن المدينة، بطبيعتها، تخلق مساحة للفردانية والخصوصية، فهي مكان يتيح للإنسان أن يطور هويته الخاصة ويعبر عن ذاته بحرية أكبر مقارنة بالمجتمعات الريفية أو التقليدية، لكن هذا التوجه نحو الفردانية قد يبدو متناقضًا مع طبيعة المجتمع الذي يسعى بطبيعته إلى احتواء أفراده، ودمجهم، وضمان الانسجام بينهم.

ونوّه إلى أن المدن اليوم تواجه أزمات كبرى تُهدد تماسكها وقدرتها على الاستدامة الاجتماعية والثقافية، ومن بين هذه التحديات، التفكك الأسري نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، فالمدن تعاني من معدلات مرتفعة للطلاق، وتفكك الروابط العائلية، إلى جانب الإدمان والعنف نتيجة الضغط النفسي والاجتماعي.

وهناك أيضًا استغلال الأطفال من عمالة الأطفال إلى الاتجار بهم، لتحول هذه الظواهر، إذا تُركت دون معالجة، المدن من أماكن للفرص والازدهار إلى بيئات مليئة بالاضطراب والشقاء.

ووفقًا للغرايبة، فإن بناء منظومة اجتماعية وثقافية تحفظ التوازن بين الفرد والمجتمع، يلزم العمل على تحقيق عدد من الأهداف، منه: تعزيز الحرية الفردية ضمن إطار مجتمعي متماسك ينبغي أن يضمن المجتمع للأفراد مساحة للتعبير عن أنفسهم وعيش حياتهم وفق اختياراتهم، دون أن يؤدي ذلك إلى إضعاف الروابط الاجتماعية أو تهديد القيم المشتركة.

وهناك أيضًا إعادة صياغة الهوية المدنية، فالمدن مساحات تعبر عن ثقافة وهوية مجتمعية، لذا، يجب أن تكون هناك جهود لتعزيز الفنون، والأدب، والتقاليد التي تعكس هذه الهوية وتخلق شعورًا بالانتماء، بالإضافة إلى تمكين المجتمع المدني للمؤسسات المجتمعية، مثل الجمعيات الثقافية والتنموية.

وحذّر الغرايبة من أن معالجة الأسباب الجذرية للضغوط النفسية والاجتماعية يجب أن تُبنى سياسات تركز على تحسين جودة الحياة، من خلال توفير الخدمات الصحية، والتعليمية، والمرافق العامة التي تُعزز من رفاهية السكان، كما أن إرساء العدالة الاجتماعية والاقتصادية للمدن التي تعاني من فجوات اقتصادية عميقة بين الطبقات الاجتماعية تتحول سريعًا إلى بيئات منقسمة وغير مستقرة، لذا، فإن ضمان التوزيع العادل للفرص والموارد ضرورة لا غنى عنها.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير