العلاقات الأردنية – السورية وإمكانية تجاوز إرث النظام المخلوع
قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية العربية السورية تتمتعان بروابط جغرافية وتاريخية متجذرة تعود إلى أزمنة بعيدة، وتشكل العلاقات الاجتماعية والثقافية بين الشعبين أحد أركان هذه الروابط.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المصالح المشتركة بين البلدين تُعَدّ أساسًا هامًا في بناء هذه العلاقة، ومع ذلك، فإن طبيعة النظام السياسي السابق في سوريا مثلت تحديًا كبيرًا أمام تعزيز التعاون الثنائي، ما أدى إلى فترات من التوتر الحاد بلغت أحيانًا حد الصدام المسلح، وأثرت سلبًا على مجالات عدة، أبرزها التبادل التجاري.
وبيّن الروسان أن سوريا، التي تعد الرئة الشمالية للأردن، وسوقًا استراتيجيًا للمنتجات الأردنية، فضلًا عن دورها كممر بري حيوي للصادرات الأردنية إلى لبنان، وتركيا، وأوروبا الشرقية، وروسيا عبر معبريّ "جابر- نصيب" و"الرمثا - درعا"، لم تستطع بسبب هذه التعقيدات أن تكون شريكًا مستقرًا، ما جعل العلاقات الثنائية عرضة للتقلبات المستمرة.
تحديات الماضي وأفق التغيير
وذكر أن النظام السوري السابق اتسم باستخدام أساليب تصعيدية، أبرزها تورطه في تصنيع وتهريب المخدرات، وعلى رأسها الكبتاغون، الذي اعتُبر أداة للضغط على الدول المجاورة، ومنها الأردن، وهذا الأمر فرض تحديات أمنية كبيرة على طول الحدود المشتركة التي تمتد لمسافة 375 كيلومترًا، إذ شهدت عمليات تسلل وتهريب منظمة، اعتمدت في كثير من الأحيان على تقنيات متطورة مثل الطائرات المسيّرة والأسلحة الحديثة.
ومع سقوط هذا النظام، يأمل الأردن أن تسود تغييرات إيجابية، لاسيما مع تراجع النفوذ الإيراني وغياب الميليشيات التي كانت تدير شبكات التهريب، ما يفتح الباب لتحسن الأوضاع الأمنية وتعزيز التعاون بين الجانبين.
وأشار إلى أن الأردن يعول على سياسته الدبلوماسية المتوازنة لبناء علاقة جديدة مع القيادة السورية الحالية، مع التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار، وفي هذا الإطار، أبدت المعارضة السورية مؤخرًا استعدادًا للتعاون الأمني مع الأردن، ما يعزز إمكانية الوصول إلى تفاهمات استراتيجية تخدم مصلحة البلدين، ورغم التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية مع تراجع الدور الإيراني، إلا أن المشهد الإقليمي يظل معقدًا، ما يجعل من الصعب التنبؤ بمآلات الأمور على المدى القريب.
مواقف إنسانية ثابتة
ولفت الروسان إلى أن الموقف الأردني تجاه الشعب السوري تميز بالإنسانية والتضامن، إذ لم يُظهر الأردن يومًا أي عدائية تجاه المعارضة السورية، التي بدورها لم تُشكل تهديدًا للأمن الوطني الأردني، ومن خلال مبادراته الإنسانية، أرسل الأردن قوافل إغاثية تجاوزت 250 طنًا من المواد الغذائية والطبية، مؤكدًا التزامه بدعم الشعب السوري في أزمته.
إلى جانب ذلك، يسعى الأردن لتعزيز التنسيق الأمني والعسكري مع القيادة السورية الجديدة، بما يحقق المصالح المشتركة ويُسهم في استعادة سوريا لدورها المحوري في المنطقة.
واستطرد الروسان قائلًا إن تبدو العلاقات الأردنية – السورية تبدو مرشحة لدخول مرحلة جديدة من التعاون، لا سيما في المجالات الاقتصادية والأمنية، ويظل الأمل معقودًا على أن تسهم القيادة السورية الجديدة في إرساء بيئة مستقرة تُمكن البلدين من بناء علاقات قائمة على حسن الجوار والمصالح المتبادلة، بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين.