نصراوين لـ "أخبار الأردن": ملاحقة الأسد معقدة ومتداخلة لهذه الأسباب
قال الخبير الدستوري الدكتور ليث نصراوين إن قرار روسيا بمنح الرئيس السوري السابق بشار الأسد حق اللجوء الإنساني لا يعفيه من المسؤولية القانونية الدولية، ولا يعفيه من المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا ما تم إثبات تورطه في ارتكاب الجرائم الدولية المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المادة (27) من نظام روما الأساسي ينص على أن الحصانات أو الامتيازات التي قد يتمتع بها الشخص بصفته الرسمية، سواء كانت على المستوى الوطني أو الدولي، لا تمنع المحكمة من ممارسة اختصاصها عليه. وبالتالي، تبقى المحكمة الجنائية الدولية مختصة بملاحقة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم العدوان والجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن صفتهم الرسمية أو مكانتهم السياسية.
وفي الوقت الذي يتم فيه التساؤل حول ما إذا كان سيخضع بشار الأسد لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية في وقتٍ سوريا لم توقع فيه بعد على نظام روما الأساسي، إلا أن هناك طرقًا قانونية قد تتيح للمحكمة ممارسة اختصاصها في ملاحقة الأسد، ومن أبرز هذه الطرق أن يقوم مجلس الأمن الدولي بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يمنح المحكمة صلاحية التحقيق والمحاكمة في الجرائم المرتكبة، كما أن إمكانية انضمام سوريا مستقبلًا إلى نظام روما أو قبولها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية قد يفتح الباب أمام ملاحقة الأسد، وفقًا لما صرّح به نصراوين لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
واستطرد قائلًا إن روسيا التي منحت الأسد حق اللجوء، ليست ملزمة قانونياً بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية ما لم يصدر قرار من مجلس الأمن يلزم الدول كافة بالتعاون مع المحكمة الدولية، وهو ما يُسمح للدول الكبرى بممارسته من خلال حق النقض "الفيتو"، وبالتالي، قد تتمكن روسيا من استخدام "الفيتو" لتعطيل أي قرار صادر عن مجلس الأمن يفرض تسليم الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ونوّه نصراوين إلى أن قرار منح اللجوء للأسد لا يحول دون محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية أو محاكم وطنية أخرى، إلا أنه من المؤكد أن تسليمه قد يصطدم بمصاعب قانونية ودبلوماسية، في مقدمتها احتمال معارضة روسيا بشكل قاطع أي مسعى من شأنه المساس بسيادتها أو بتعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية، مضيفًا أن هذا التحدي سيبقى قائمًا في حال تم الإصرار على محاكمة الأسد، حيث يُتوقع أن تستمر روسيا في رفض أي محاولة لتسليمه، بحجة الحفاظ على سيادتها الوطنية وحمايتها لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
ولفت الانتباه إلى أن ملاحقة بشار الأسد قضائيًا تبقى مسألة معقدة يتداخل فيها القانون الدولي مع السياسة الدولية، ويعتمد سير الإجراءات في هذا الصدد على التوازن بين مصالح القوى الكبرى وحقوق الضحايا في الحصول على العدالة.