الضفة الغربية... ما خفي أرعب
خاص
يرى الباحث في مركز "تقدم للسياسات" - لندن، أمير مخول، أن الصورة الجوهرية تكمن في المسعى الإسرائيلي المستمر لتثبيت وتعزيز احتلالها، وذلك عبر استراتيجيات تهدف إلى تقويض أي محاولة لتحقيق سيادة فلسطينية مستدامة.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ذلك يتجسد بوضوح في الخطط التي تركز على السيطرة الكاملة على كافة مرافق الحياة في القطاع، بما في ذلك محاولة خلق واقع ديموغرافي جديد من خلال إبقاء الوضع السكاني في حالة نزوح دائم، ما يشكل تهديدًا مستمرًا للاستقرار الفلسطيني. إذ إن محاولات إسرائيل لتعزيز سيطرتها على غزة تهدف إلى ضعضعة البنية الاجتماعية الفلسطينية ككل.
ولفت مخول الانتباه إلى أن ما يحدث في الضفة الغربية يشكل جزءًا لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث تسعى إسرائيل إلى تقوية السلطة الفلسطينية في بعض المناطق وفرض سيطرتها على ما يُسمى بمناطق "جيم" التي تشكل بؤرًا استيطانية تُسهم في تغيير التركيبة الجغرافية للمنطقة. ويُعبر عن هذه السياسة من خلال سيطرة عدد قليل من الأفراد على مساحات واسعة من الأراضي، في مشهد يعكس هشاشة السيادة الفلسطينية ويُبرز الخطر المتزايد على الأرض الفلسطينية.
وفيما يخص الوضع الإقليمي الأوسع، ذكر أن إسرائيل تتعامل مع الوضع في سوريا بترقب شديد، معتبرًا أن انهيار النظام السوري وتداعياته قد يساهم في إعادة رسم خرائط المنطقة بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن التقارب الإقليمي مع بعض القوى مثل تركيا قد يساهم في تحقيق أهداف إسرائيلية في المنطقة، ولكن دون أن يعكس تحولًا جذريًا في موقفها من القضية الفلسطينية.
أما عن الوضع الإنساني في قطاع غزة، نوّه مخول إلى أن إسرائيل تسعى إلى فرض سياسة "التطهير العرقي" عبر أساليب شديدة القسوة، تشمل تجويع السكان، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة. مشيرًا إلى أن السياسات الإسرائيلية في غزة تستهدف إضعاف حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وتستهدف الشعب الفلسطيني ككل، محاولةً محو أي ملامح للاستقرار أو الحياة الكريمة في القطاع.
إن الحديث عن "صفقة" أو أي حل سياسي شامل في ظل هذه الظروف هو أمر بعيد المنال، لأن إسرائيل لن تُقدم على أي تنازلات حقيقية إلا إذا كانت تعتقد أنها قد ضمنت مصالحها الاستراتيجية، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
واستطرد مخول قائلًا إن إسرائيل لن تسحب قواتها من غزة أو تُمكن الفلسطينيين من العودة إلى شمال القطاع، في ظل الوضع القائم من التطهير العرقي والتوسع الاستيطاني. فحتى إذا شهدت المنطقة تحولات جيوسياسية مع قوى إقليمية ودولية، فإن ذلك لن يؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسات الإسرائيلية. في المقابل، الأفق السياسي مسدود في الوقت الحالي، ولا يمكن تصور أي تقدم حقيقي نحو حل دائم في القريب العاجل.
وأكد مضي إسرائيل قدما في تعزيز احتلالها للضفة الغربية وغزة، بما في ذلك تنفيذ مشاريعها الاستيطانية ومخططاتها الجيوسياسية. ومع أن المنطقة قد تشهد بعض التحولات في التحالفات الإقليمية والدولية، فإن الاحتلال العسكري الإسرائيلي سيظل قائمًا في غزة والضفة الغربية، ومؤثرًا على حياة الفلسطينيين بشكل غير مسبوق.