سوريا الجديدة... فصول أخرى من تهريب المخدرات أم ختام المناورات؟

{title}
أخبار الأردن -

 

أجمع الخبيران، المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية الدكتور عمر الرداد، وأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور بدر الماضي، على أن المرحلة المقبلة قد تحمل تغيرات جوهرية في ملف تهريب المخدرات، إذ يُتوقع أن يشهد هذا النشاط تراجعًا حادًا بفعل التحولات السياسية والأمنية الجارية في المنطقة، ما يمثل خطوة حاسمة نحو تعزيز الأمن الإقليمي واستقرار العلاقات الأردنية - السورية، مع ضرورة مواصلة الجهود لتثبيت هذا الاتجاه الإيجابي وكبح أي محاولات لإعادة إحياء شبكات التهريب في المستقبل.

وفي التفاصل، قال الرداد إن من أبرز الانعكاسات المتوقعة على الأردن في المرحلة المقبلة هو تعزيز الجهود لضبط عمليات تهريب المخدرات، التي ارتبطت بشكل وثيق بشبكات الميليشيات الإيرانية الناشطة في المنطقة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التعاون بين هذه الميليشيات وبعض القطاعات في الجيش السوري أسهم في تغذية تلك العمليات، لكن مع التغيرات السياسية والأمنية الحالية، يُرجح أن تشهد هذه الأنشطة تراجعًا ملموسًا، إن لم تختفِ تمامًا.
ومع ذلك، نوّه الرداد إلى أنه لا يمكن إغفال العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت بعض العصابات المحلية في سوريا إلى الانخراط في هذا النشاط بمعزل عن ارتباطها بالميليشيات الإيرانية، مضيفًا أن هذه العصابات استغلت حالة الفوضى التي اجتاحت مناطق معينة لتوسيع نشاطاتها، إلا أن الانخفاض المتوقع في العمليات المنظمة، التي تديرها الميليشيات بالتنسيق مع جهات عسكرية، يعدّ خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار.
وبيّن أن المشهد ليس بسيطًا ولا يخلو من التعقيدات، فهناك احتمال قائم، وفق سيناريوهات مستقبلية، لعودة الفوضى في الجنوب السوري، نتيجة تعدد الأطراف الفاعلة وتنافسها على النفوذ، وفي ظل هذه الظروف، قد تنشط مجددًا عمليات التهريب، وإن كانت بوتيرة أقل تنظيمًا.

ورجّح الرداد أن تشهد مستويات تهريب المخدرات انخفاضًا كبيرًا وملحوظًا، ما سيشكل تطورًا إيجابيًا على صعيد الأمن الإقليمي الأردني.

بدوره، قال الماضي إن عمليات تهريب المخدرات، التي لطالما كانت ظاهرة مقلقة للأردن والمنطقة بأسرها، يُرجح أن تشهد تراجعًا حادًا في المرحلة القادمة، وهذا التراجع ينبع من عدة عوامل جوهرية، أبرزها أن العديد من هذه العمليات كانت تتم برعاية مباشرة وغطاء رسمي، حيث جرى تسهيل عمليات التصنيع والتهريب، بل واستخدام تقنيات متقدمة، مثل الطائرات المسيّرة، لتأمين العبور وضمان النجاح.

ومع ذلك، فإن البيئة الحاضنة لهذه الأنشطة في الجنوب السوري ومنطقة البادية تبدو اليوم وقد انهارت بشكل شبه كامل، والتحولات الجارية في تلك المناطق تشير إلى قيام بيئات أكثر تعاونًا واستقرارًا، ما يستوجب التعامل المباشر معها لتثبيت هذا التحول الإيجابي وكبح أي محاولات مستقبلية لإحياء شبكات التهريب، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وبيّن الماضي أن المخدرات تبدو اليوم على نقيض مع الفكر الجديد الذي تسعى الدولة السورية إلى تبنيه، إذ لم تعد هذه الأنشطة تمثل جزءًا من التصور السياسي أو الاقتصادي للنظام الجديد، بل تبدو متعارضة مع المشروع السياسي الذي تحاول الحكومة السورية بناءه في هذه المرحلة، وهذه التغيرات تعزز من فرص التقاء المصالح الأردنية السورية، حيث يسعى الأردن منذ سنوات إلى إنهاء حالة الانفلات التي استغلتها أطراف معينة، أبرزها الفرقة الرابعة وبعض الأجنحة الأمنية للنظام السوري، لتأمين الدعم وتمويل أنشطتها.

وذكر أنه من المتوقع أن يؤدي هذا التغير الجذري إلى انحسار عمليات التهريب بشكل ملحوظ، وهو تطور محوري ليس فقط لتعزيز أمن الأردن، بل أيضًا لإرساء استقرار إقليمي أوسع، مضيفًا أن تراجع هذه الأنشطة لا يمثل فقط انتصارًا للأردن، بل يعكس كذلك توجهًا جديدًا يسعى إلى تقويض كل ما يعكر صفو التعاون الإقليمي، ويمهد الطريق نحو مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار المشترك.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير