هل الأردنيون بخير؟.. الخزاعي يجيب "أخبار الأردن"
قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إن الأردن يواجه تحديات متزايدة، تمتد آثارها إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إذ ألقت بظلالها الثقيلة على مشاعر الإحباط وفقدان الأمل بين الأردنيين، خاصة في أوساط الشباب الذين باتوا يواجهون صعوبات كبرى في بناء مستقبل مستقر.
البطالة... شبح يطارد الشباب ويقوض الطموحات
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن معدلات البطالة في الأردن ترسم صورة مقلقة لما آل إليه الحال، فنسبة البطالة وصلت إلى 21%، لتصبح من بين الأعلى في المنطقة، كما أن الأرقام لا تقف عند هذا الحد؛ البطالة بين الإناث الحاصلات على شهادة البكالوريوس تقترب من 82%، بينما يعاني نحو 38% من الشباب والشابات من التعطل عن العمل، إلى جانب أكثر من 40% من العاطلين لم يسبق لهم أن دخلوا سوق العمل، فيما تصل نسبة المتزوجين غير العاملين إلى 25.8%، لتتبدد أحلام الاستقرار أمام واقع اقتصادي قاسٍ.
ضعف المشاركة الاقتصادية وتصاعد الديون... دائرة مغلقة
وبيّن الخزاعي أن ثلث الشعب الأردني فقط يشارك في النشاط الاقتصادي الفعلي، وهي نسبة تعكس هشاشة الاقتصاد الوطني. على الجانب الآخر، يتفاقم الدين العام ليقفز فوق حاجز الأربعين مليار دينار، في وقت يتجاوز فيه عدد المقترضين من البنوك مليونًا وربع المليون، بإجمالي قروض تصل إلى 11 مليار دينار، مضيفًا أن أعباء الديون تستهلك ما يصل إلى 40% من دخل المواطنين، ما يضعهم أمام ضغوط معيشية خانقة تعرقل تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار المالي.
انعكاسات اجتماعية حادة: الزواج في تراجع والهجرة خيار مرير
على المستوى الاجتماعي، نوّه إلى انخفاض معدلات الزواج بصورة ملحوظة، حيث تقلصت العقود المسجلة من 76 ألفًا في عام 2021 إلى 59 ألفًا فقط في 2023، في وقت ارتفع فيه متوسط سن الزواج ليبلغ 32 عامًا للذكور و30 عامًا للإناث، لتكشف هذه الأرقام عن صعوبات كبيرة تواجه الشباب في تحقيق الاستقلال المالي والاجتماعي، ما يزيد من مشاعر الإحباط ويعمق الفجوة بين الطموح والواقع.
في موازاة ذلك، يزداد عدد الأردنيين الراغبين بالهجرة، ليصل إلى 48% من السكان، بينهم 39% من النساء، وهذه الرغبة المتزايدة تعكس يأسًا متناميًا من تحسين الأوضاع داخل الوطن، في ظل غياب أفق واضح للتغيير.
تآكل الطبقة الوسطى: وجه آخر للفقر المتنامي
وأشار الخزاعي إلى أن تقارير البنك الدولي الصادرة في يوليو 2023 تشير إلى أن 35% من الأردنيين يعيشون تحت خط الفقر، ما يعادل أربعة ملايين شخص، وفي المقابل، تصر الحكومة على أن النسبة لا تتجاوز 24%، ورغم التباين في الأرقام، إلا أن المؤكد أن الطبقة الوسطى، التي كانت تمثل حجر الزاوية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، تضاءلت لتشكل 19% فقط من المجتمع، ما يفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
التقلبات السياسية وانعكاساتها على الداخل الأردني
وتابع قائلًا إن التوترات الإقليمية والتحولات في المواقف الدولية، خاصة تلك الصادرة عن الولايات المتحدة، تزيد من تعقيد المشهد، والسياسة الأردنية التي طالما اتسمت بالحكمة والتوازن تواجه اليوم ضغوطًا متزايدة نتيجة لتغير الإدارات الأمريكية ومواقفها المتذبذبة تجاه القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ما يضيف مزيدًا من القلق لدى الشارع الأردني.
الخروج من الأزمة: ضرورة ملحة لرؤية شاملة
في ظل هذه المعطيات، ذكر أن الأردن أمام مفترق طرق حاسم، فارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والتراجع في معدلات الزواج، وتصاعد الرغبة بالهجرة كلها مؤشرات تدق ناقوس الخطر، ومع رواتب معظم الأردنيين التي لا تتجاوز 500 دينار شهريًا، يصبح السؤال الملح: كيف يمكن بناء اقتصاد قادر على توفير فرص حقيقية للخروج من هذا المأزق؟
وأكد الخزاعي أن الأردن بحاجة إلى خطة إنقاذ وطنية شاملة، قائمة على شراكة حقيقية بين جميع الأطراف، على أن تكون مدعومة بإرادة صلبة وقرارات جريئة، تأخذ بعين الاعتبار عمق الأزمة وأبعادها المتعددة، مع التركيز على الشباب كركيزة أساسية لأي نهوض مستقبلي. الوقت ينفد، والبدائل محدودة، لكن الإرادة الجماعية يمكن أن تكون نقطة البداية نحو تغيير طال انتظاره.