مختصون لـ"أخبار الأردن": الإعلام ضامن للأمن المجتمعي

{title}
أخبار الأردن -

 

شهدت الساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة حملات خارجية متعمدة استهدفت تشويه مكانة الأردن والنيل من دوره المحوري في المنطقة، خاصة في ظل مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ودعمه الحثيث للأشقاء غزة، ورغم تنوع الأساليب المستخدمة في هذه الحملات وتنوع منصاتها، واجهها الإعلام الوطني الأردني بقدر كبير من الوعي والمسؤولية، متسلحًا بحرفية عالية وقدرة على فرز الحقائق عن الافتراءات، ليمنع بذلك استغلال الأحداث في تشويه صورة الأردن على الصعيد الإقليمي والدولي.

وقد التزم الإعلام الأردني بمبادئ النزاهة والمصداقية، متمسكًا بمسؤولية نشر الرواية الوطنية المبنية على الحقائق بعيدًا عن التزييف والتأويلات المضللة.

وتبرز كفاءة الصحافيين الأردنيين وعمق التزامهم بالمصلحة الوطنية في نهجهم الحكيم، حيث تمسكوا بتقديم ما يخدم قضايا الوطن وحماية صورته عن وعي راسخ بأهمية دورهم كحماة للهوية الوطنية، كما أظهر الإعلام الأردني كفاءة استراتيجية في تعزيز هذه الهوية وتقديم الرواية الأردنية بشكل دقيق ومدروس للرأي العام، سواء داخل الوطن أو خارجه، مستخدمًا منصات التواصل الاجتماعي بفاعلية لتوصيل رسائله الوطنية، وقد مكنته هذه الاستراتيجية من الوصول إلى الجمهور بوضوح وإقناع، ما أسهم في تحصين الرأي العام الأردني من التأثيرات السلبية، وترسيخ صورة الأردن كدولة داعمة للاستقرار وذات موقف ثابت إزاء القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وقد أجمع على هذا النهج عمداء كليات الإعلام جامعة بترا، والشرق الأوسط، والزرقاء الخاصة على التوالي، الأستاذ الدكتور علي نجادات، والدكتورة حنان الشيخ، والدكتور أمجد الصفوري، مؤكدين أهمية التزام المؤسسات الإعلامية بالمهنية العالية والالتزام بالمعايير الأخلاقية في التصدي لموجات التضليل والشائعات،  وأن الإعلام الأردني يمكنه، بفضل هذا الالتزام، مواصلة دوره الوطني في توجيه الرأي العام ونشر الوعي وتحصين المجتمع ضد حملات التأثير الخارجي، مؤكدين على ضرورة إعداد جيل إعلامي واعٍ يحمل على عاتقه رسالة المسؤولية الوطنية.

وفي هذا الصدد، قال عميد كلية الإعلام في جامعة بترا الأستاذ الدكتور علي نجادات، إن وسائل الإعلام تلعب دورًا مركزيًا ومؤثرًا في تشكيل الرأي العام، لكنها قد تصبح أيضًا أداة لنشر الشائعات وتوسيع دائرة تداولها في المجتمع عبر أساليب وصور مختلفة، منها ما هو صريح ومباشر، ومنها ما يأتي بصورة ضمنية أو مجازية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الشائعة عادة تبدأ بانتقالها عبر الاتصالات الشخصية بين الأفراد، ثم تجد طريقها إلى وسائل الإعلام التي قد تنشرها على نطاق أوسع، سواء بوعي أو دون قصد، ما يعزز من انتشارها بين مختلف فئات المجتمع.

الإعلام بين صناعة الوعي وتضليل الحقيقة

وبيّن نجادات أن الإعلام – ورغم دوره المزدوج - لا يقتصر على نشر الشائعات، بل يمتلك القدرة كذلك على مكافحتها والحد من تأثيرها إذا ما اعتمد استراتيجيات توجيه واعية وصارمة للأخبار والمعلومات، عبر الالتزام بالحقائق وتقديمها بطرق تؤثر إيجابيًا على المتلقين وتساهم في تثبيت الانطباعات الصحيحة لديهم، وهنا يظهر الدور الحيوي للإعلام كحائط صد أمام الشائعات، من خلال تقديم محتوى إعلامي موثوق ومُدقق يدحض الأقاويل الزائفة.

دور الشفافية الإعلامية في الحد من الشائعات

وفي هذا السياق، يعد الغموض وغياب المعلومات الدقيقة من أبرز عوامل انتشار الشائعات، فهي تزدهر في بيئات ملتبسة، حيث تفتقر الأحداث إلى الوضوح وتغيب الحقائق، ما يترك فراغًا تملؤه الأقاويل والإشاعات، ومن هذا المنطلق، تُعتبر أولى أدوات مكافحة الشائعات هي تبديد الغموض عبر نشر الأخبار والمعلومات الصحيحة بسرعة ودقة، مع الكشف عن ملابسات الأحداث وتقديم التفاصيل بشفافية للرأي العام، مضيفًا أنه يمكن اللجوء إلى إعلانات رسمية أو استضافة مصادر معروفة وموثوقة من نقل المعلومات بمصداقية عبر قنوات إعلامية متنوعة، مثل اللقاءات التلفزيونية أو الإذاعية، أو عبر البيانات الصحفية التي تساهم في دحض الشائعات وتنوير المتلقين بالحقائق.

وذكر أن لكل وسيلة إعلامية، سواء كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، دورها الخاص في الحد من الشائعات، فالصحافة مثلًا تُعتبر ركيزة في هذا المجال، نظرًا لدورها في نقل الحقائق وتوضيح الأمور الغامضة التي تشوب بعض الأخبار، فالشائعة قد تكون على هيئة خبر كاذب يتضمن تفاصيل مغلوطة أو مختلقة، ما يتطلب من الصحف الدوران خلف الأخبار الصادقة والمعلومات الدقيقة، لضمان عدم تضليل الجمهور والمساهمة في بناء مجتمع واعٍ قادر على تمييز الحقيقة من الزيف، وفقًا لنجادات.

بدورها، قالت عميدة كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط الدكتورة حنان الشيخ، إن تعزيز الشفافية ودعم الثقة يشكّلان ركيزة أساسية في صياغة الاستراتيجيات الإعلامية الفعّالة، حيث تقوم هذه الثقة على توازن دقيق بين طرفي العملية الاتصالية: المرسل والمستقبل، لذلك، فمن الضروري أن تكفل الاستراتيجيات الإعلامية حق المرسل في الوصول إلى المعلومات دون قيود غير مبررة، وفي الوقت ذاته، ضمان حق المتلقي في الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة تخضع للتحقق قبل نشرها، بما يعزز مصداقية الرسائل الإعلامية.  

وبيّنت الشيخ في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أهمية الإعلام لا تتوقف عند هذا الحد؛ بل تمتد لتشمل دورًا حيويًا في تنمية مهارات التفكير النقدي والتحليلي لدى الجمهور، فمن خلال التوعية المستمرة، يمكن للإعلام أن يساعد الأفراد على بناء وعي نقدي يتيح لهم التمييز بين الحقيقة والتضليل، كما ينبغي أن تشمل الاستراتيجيات الإعلامية خططًا عملية لتوظيف التكنولوجيا في الإعلام بطريقة مسؤولة، مما يُسهم في ضمان احترافية الأداء الإعلامي وتحقيق أقصى درجات النزاهة في نقل الحقائق.

الإعلام في مواجهة خطاب الكراهية

وأشارت الشيخ إلى أن مكافحة خطاب الكراهية تتطلب معالجة شاملة وعميقة تمتد إلى كافة مستويات المجتمع ومؤسساته، إلا أن للإعلام دورًا حاسمًا في هذه المعركة، حيث يمكن من خلال تبنّي الصحافة الأخلاقية المستندة إلى أسس علمية رصينة، أن يُرسخ ثقافة قبول الرأي الآخر، فالإعلام الذي يعتمد على الحقائق والموضوعية بدلًا من الانطباعات والأهواء يُسهم في تهذيب الخطاب العام وخلق بيئة حوارية بنّاءة.  

الإعلام كضامن للأمن المجتمعي

وأكدت تحمل المؤسسات الإعلامية مسؤولية دمج أخلاقيات المهنة مع الاحترافية، بحيث تصبح المصداقية أولوية تتقدم على السبق الإعلامي، كما أن التعاون مع منصات التواصل الاجتماعي يعدّ خطوة حيوية للحد من انتشار خطاب الكراهية، وذلك من خلال مكافحة المحتويات المضللة وتوعية الجمهور بكيفية التمييز بين الأخبار الصادقة والزائفة، ويتعين على الإعلام نفسه أن يقدّم صورة متوازنة وشاملة عبر استعراض وجهات نظر متنوعة، ما يعزز من فهم الفروقات ويمنح الجمهور رؤية أوضح للتحديات والقضايا المطروحة.

الإعلام غير المهني قنبلة موقوتة

ونوّهت الشيخ إلى أن غياب المهنية في العمل الإعلامي يشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار المجتمعات، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فترويج الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة يُفضي إلى تشويه الحقائق وإرباك الرأي العام، ما قد يثير الخلافات ويفاقم الانقسامات بين أفراد المجتمع، كما أن الإعلام غير المهني غالبًا ما يغذي خطاب التحريض والكراهية، مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويهدد النسيج المجتمعي.  

إلى جانب ذلك، يُمكن للإعلام أن يلعب دورًا جوهريًا في تعزيز الحوار بين مختلف الفئات المجتمعية، الأمر الذي يسهم في فهم أعمق لوجهات النظر المختلفة، وتقليص الفجوات الثقافية والاجتماعية والسياسية بطريقة سلمية ورصينة؛ إذ إنه لا يمكن الحديث عن إعلام مسؤول دون التأكيد على ضرورة الالتزام الصارم بالمعايير الأخلاقية والمهنية، كما أن ذلك يُسهم في الحد من المحتويات التحريضية، ويعزز مصداقية الإعلام في نظر الجمهور، بما يعكس أثرًا إيجابيًا على استقرار المجتمع وتماسكه، وفقًا لما صرّحت به الشيخ لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

من جانبه، قال عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء الدكتور أمجد الصفوري إن الإعلام يُعَدُّ الركيزة الأساسية في التصدي لانتشار الشائعات والأخبار المضللة؛ فهو يعتمد جوهريًا على التحقق من المعلومات والتثبت من مصادرها الموثوقة، ولهذا، نلاحظ ندرة الشائعات في وسائل الإعلام التقليدية، مقارنةً بمنصات التواصل الاجتماعي التي تفتقر إلى الضوابط الواضحة والتشريعات القانونية المنظمة، مضيفًا أن الأخبار المضللة والشائعات تتفشى في فضاءات التواصل الاجتماعي بصورة أكبر من انتشارها في وسائل الإعلام المحترفة، وذلك لاعتماد الإعلام المؤسسي على التدقيق الصارم في مصادر المعلومات، ومراعاة السياق الذي نُشرت فيه.

الإعلام في مواجهة الشائعات والأخبار المضللة

وفيما يتعلق بخطاب الكراهية داخل المجتمع، دعا إلى ضرورة اضطلاع وسائل الإعلام بدور إيجابي للتخفيف من حدته عبر نشر تقارير موضوعية وإيجابية، وتقديم الحقائق بصورة واضحة وصحيحة، ومن شأن ذلك أن يحد من تصاعد خطاب الكراهية ويقلل من احتمالات انتشاره، كذلك، لا بد من تعزيز ثقافة احترام حرية الرأي والتعبير وقبول الاختلاف في وجهات النظر، بما يسهم في تجنب الصدامات بين الفئات الاجتماعية المختلفة.

وأوضح الصفوري لـ"أخبار الأردن"أن أي منصة إعلامية تمارس العمل الإعلامي أو الصحفي بطريقة غير مهنية تساهم في تأجيج خطاب الكراهية وتؤثر سلبًا على الرأي العام، لتبرز أهمية توحيد المرجعية الإعلامية من خلال فرض ضوابط مهنية على العاملين في هذا القطاع، وضمان إلمامهم بالتشريعات والقوانين والأخلاقيات التي تضبط العمل الإعلامي، منوهًا إلى ضرورة الحد من تأثير ما يُعرف بـ"دخلاء المهنة"، الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب من خلال إثارة الرأي العام أو توجيهه نحو أحداث معينة دون مراعاة للمصداقية.

مواجهة الحملات الخارجية

أما بخصوص الحملات الإعلامية الخارجية التي شهدناها في الآونة الأخيرة، فقد استهدفت النيل من مكانة الأردن ودوره الريادي في المنطقة، لاسيما في دعمه للقضية الفلسطينية وجهوده تجاه أهلنا في غزة، إلا أن الإعلام الوطني الأردني تعامل مع هذه الحملات المغرضة بمسؤولية ووعي كبيرين، ونجح في التصدي لها بحرفية عالية دون الانجرار وراء نشر معلومات مضللة، حتى وإن كانت صادرة عن تقارير خارجية، وفقًا لما صرّح به الصفوري لصحفية "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأكد أن الصحافيين الأردنيين أثبتوا وعيهم العميق بالمصلحة الوطنية، حيث التزموا بنشر ما يخدم قضايا الوطن وتجاهل ما قد يسيء إليه، كما أظهر الإعلام الأردني كفاءة في تقديم الرواية الأردنية الصحيحة للرأي العام، مع تعزيزها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما ساهم في ترسيخ الصورة المثلى للدور الأردني ومواقفه تجاه القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير