الرداد لـ"أخبار الأردن": مقتل مئات الإسرائيليين يعد ثمنا مقبولا
قال الخبير الأمنيّ والعسكري، الدكتور عمر الرداد، إن الإعلان عن أعداد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي عادةً ما يخضع لرقابة مشددة من قبل الإعلام العسكري، إلا أن هذه العدوان على غزة نال من هذه المعايير وسمح باعتراف استثنائي وصريح بعدد القتلى، ليأتي هذا التحول بخلاف ما درجت عليه إسرائيل في الحروب السابقة.
وأوضح الرداد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه يمكن فهم هذا التغيير في ضوء عدة اعتبارات استراتيجية هي: احتواء الضغط الداخلي، فالحكومة الإسرائيلية ذات التوجه اليميني تسعى إلى استخدام هذا الاعتراف كورقة ضغط في مواجهة أسر الرهائن الإسرائيليين، ومن خلال هذه الرسالة الضمنية، تقول الحكومة إن الرهائن ليسوا بمنأى عن التضحيات التي يقدمها الجنود على الجبهات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك كسر التصورات التقليدية في المنطقة، فإسرائيل تهدف إلى زعزعة الاعتقاد المستقر في الوعي العربي والإسلامي بأن المجتمع الإسرائيلي لا يحتمل خسائر بشرية كبيرة، وأنه عاجز عن خوض حروب طويلة، ومن خلال إبراز هذه التضحيات، تحاول إسرائيل تكريس صورة جديدة تظهر قدرتها على الصمود وتحمل تكلفة الحرب، ولو كانت طويلة الأمد.
وفي إطار هذه الرؤية، أوضح الرداد أن التيار اليميني في إسرائيل يتبنى خطابًا يعتبر الحرب الحالية حربًا "وجودية"، أي أن الهدف منها إلى جانب تحقيق انتصار عسكري، هو تأمين استقرار دائم للمجتمع الإسرائيلي، ووفق هذا المنظور، فإن سقوط مئات القتلى يُعد ثمنًا مقبولًا مقابل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى، وعلى رأسها القضاء على مصادر التهديد المستمرة في غزة وجنوب لبنان.
وفي سياق أوسع، أكد أن الرد الإسرائيلي الأخير على إيران، جنبًا إلى جنب مع طبيعة الضربة وتوقيتها يشيران إلى أنها أقرب إلى "مسرحية سياسية" محسوبة، فهي كانت قد جاءت عقب تفاهمات غير معلنة بين إسرائيل وإيران بوساطة أمريكية، حيث قادت واشنطن خلال الأسابيع الماضية مفاوضات مكثفة مع كل من تل أبيب وطهران، في محاولة للحد من التصعيد.
ولفت الرداد إلى أن العملية الإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في ثلاث محافظات: طهران، خوزستان، وإيلام، غير أن الهجوم لم يحقق مستوى التصعيد الذي روجت له التهديدات الإسرائيلية؛ إذ لم يطال منشآت نووية أو بنى تحتية نفطية، رغم أنها كانت في دائرة التهديدات العلنية، مضيفًا أن الضربة جاءت ضمن سقف متفق عليه مسبقًا.
أما على الجانب الإيراني، بيّن أن طهران تتبنى نهج التريث، إذ من غير المرجح أن تبادر إلى تصعيد جديد ما لم تستأنف إسرائيل ضرباتها أو تتجاوز الحدود المتفق عليها ضمنيًا.