أبو زيد لـ"أخبار الأردن": حزب الله أجبر إسرائيل على إعادة ترتيب حساباتها
خاص
قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن إطلاق حزب الله خمسين صاروخًا في غضون دقيقتين ليس بالأمر البسيط الذي يمكن تنفيذه من موقع واحد، إذ إن قاذفات الصواريخ ومنصات الإطلاق المتوفرة لدى حزب الله تتراوح بين أربع إلى ست قاذفات في الموقع الواحد.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الصواريخ قد أُطلقت من عدة مواقع مختلفة، ما يعكس تنسيقًا ميدانيًا عالي الدقة وامتلاك حزب الله لمرونة تكتيكية لافتة وقدرة متقدمة في التعامل مع العمليات العسكرية، إلى جانب ما يظهره حزب الله من التزامه بمعادلة الرد بالمثل والتدرج في التصعيد، حيث أن استهداف حيفا يأتي ردًا على قصف الضاحية الجنوبية، بينما قصف بيروت يقابله قصف تل أبيب.
وبيّن أبو زيد أن معادلة التصعيد التدريجي فتتجلى في إطلاق خمسين صاروخًا في دقيقتين، في استراتيجية تستهدف ضربات متتابعة ومدروسة تطال أهدافًا نوعية ذات قيمة استراتيجية عالية، على غرار قيسارية حيث مقر إقامة نتنياهو، وقاعدة جولاني، وما يسعى إليه حزب الله عبر هذه الضربات المتصاعدة إلى تحقيق تأثير مزدوج، إذ يستهدف أولًا شلّ تحضيرات العدو، وثانيًا تكريس تفوقه العسكري عبر اختراقه لأنظمة الإنذار المبكر وتجاوز القبة الحديدية، التي يفترض أنها من خط الدفاع الرئيسي لدى إسرائيل.
وفي هذا السياق، أكد أهمية إصبع الجليل كمنطقة حساسة وذات أولوية استراتيجية كبرى، حيث تتمركز فيها وحدات عسكرية إسرائيلية رئيسية، من ضمنها فرقة المظليين 288، ولواء المدرعات السابع، إضافةً إلى الفرقة الإقليمية 210، التي تم إعادة تموضعها مؤخرًا من الجولان إلى منطقة كفر شوبا.
وذكر أبو زيد أن هذه الوحدات تهدف إلى تأمين طريق وصول مباشر لنهر الليطاني، إذ يُعد إصبع الجليل أقرب نقاط الجليل الجغرافي إلى هذا النهر، حيث لا يبعد سوى عدة كيلومترات في بعض المناطق، بعكس محاور أخرى، كمارون الراس واللبونة، التي تبعد ما يزيد عن أربعين كيلومترًا، ليشكل هذا التمركز محاولة من الاحتلال للاقتراب من الليطاني، وهو ما يدفع حزب الله إلى التركيز على إصبع الجليل باعتباره نقطة الضعف الأكبر التي يمكن توجيه ضربات مؤثرة إليها، خاصةً في ظل سعي إسرائيل للسيطرة عليه.
وعلى ضوء هذه الرؤية، تابع قائلًا إن حزب الله يعتمد ضرباته المدروسة والمركزة لإرباك تحضيرات القوات الإسرائيلية المهاجمة، وتعطيل عملياتها، وتأخيرها في تنفيذ خطط الدعم اللوجستي وإعادة التموضع.
ونوّه أبو زيد إلى أن حزب الله يدرك جيدًا خريطة المعركة ويستشعر تطوراتها الميدانية، إذ رصد منذ ساعات الصباح اشتباكات في منطقة عيت الشعب، ويعلم عناصره أن تلك الاشتباكات هي عمليات تكتيكية ذات طابع ثانوي، تهدف لإشغالهم عن الأهداف الرئيسية، أما الاشتباكات الكبرى فقد بدأت فعليًا بعد الظهر، حيث لوحظت تحركات للفرقة 210 في كفر شوبا، بالإضافة لتحركات الفرقة 98 في منطقة الوزاني.
وأكد أن هذه الاستراتيجية أثبتت فعّاليتها، حيث إن إسرائيل لم تحقق بعد أي تقدم فعلي منذ 19 يومًا، ما يعني أن تحركاتها لا تزال في إطار التوغل داخل محاور القتال الرئيسية، دون تحقيق اختراق حقيقي أو سيطرة على مواقع جديدة.
وأشار أبو زيد إلى أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، التي أدلى بها مؤخرًا، والمتعلقة بتعديل إسرائيل لأهدافها الميدانية وخفض سقف التوقعات العسكرية، إذ أعلن أن العمليات العسكرية لن تمتد لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، تحمل اعترافًا ضمنيًا بفشل إسرائيل في تقدير قدرة المقاومة، وإدراكها أن الخطة العسكرية الأصلية كانت غير واقعية في ضوء الواقع الميداني والقدرات الدفاعية التي أظهرتها المقاومة في جنوب لبنان.