كيف نواجه الكلاب الضالة أمام تدخلات المنظمات؟.. الطراونة والخصاونة يجيبان

{title}
أخبار الأردن -

 

في الآونة الأخيرة، تفاقمت بشكل ملحوظ ظاهرة تعرض الأطفال والبالغين في الأحياء السكنية لهجمات وعضات الكلاب الضالة، ما أدى إلى تصاعد موجة من القلق والتوتر بين أفراد المجتمع.

هذا الواقع دفع العديد من الأسر إلى المطالبة بتدخلات فورية وحاسمة من الجهات المختصة لضمان سلامة السكان، خصوصًا مع تزايد التقارير حول إصابات خطيرة بين الأطفال، وهي الفئة الأكثر تعرضًا للخطر.

وفي الوقت الذي تدعو فيه المنظمات الدولية المعنية بحقوق الحيوان إلى التعامل الإنساني مع هذه الكلاب وتجنب إيذائها بأي شكل من الأشكال، يتصاعد الضغط المجتمعي على الحكومة والجهات المعنية لاتخاذ تدابير سريعة وفعالة للحد من هذا الخطر المتزايد.

في هذا السياق، حذر استشاري الأمراض الباطنية والصدرية، رئيس جمعية الرعاية التنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، من خطورة عضات الكلاب الضالة على الصحة العامة، مشددًا على أهمية اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، وعلى رأسها توفير اللقاحات الضرورية لمنع انتشار داء الكلب، وهو مرض قاتل إذا لم يُعالج في الوقت المناسب.

وأوضح أن داء الكلب يعد من أخطر الأمراض الفيروسية التي تهدد الصحة العامة على مستوى العالم، فهو يتسبب بوفاة عشرات الآلاف من الأشخاص سنويًا، وأن 40% من الضحايا هم من الأطفال دون سن الخامسة عشرة، ما يعزز من خطورة الأمر ويدعو إلى اتخاذ إجراءات سريعة لحماية هذه الفئة الهشة.

وأكد الطراونة ضرورة تلقي التطعيم الفوري بعد تعرض الشخص لعضة كلب، مشيرًا إلى أن الفيروس الذي يسبب داء الكلب يصبح قاتلًا بمجرد وصوله إلى الجهاز العصبي المركزي، بما في ذلك الدماغ والعمود الفقري، وظهور الأعراض المرضية.

وأوضح أن 99% من حالات الإصابة بداء الكلب البشرية تحدث نتيجة التعرض لعضات الكلاب أو خدوشها، مما يجعل الوقاية من خلال تطعيم الكلاب وتجنب التعرض لعضاتها أمرًا ضروريًا وحيويًا.

في ضوء هذه المعطيات، يطرح تساؤل ملح: كيف يمكن تحقيق توازن عملي بين حماية المواطن الأردني من خطر الكلاب الضالة، وضمان احترام حقوق الحيوان في الوقت ذاته؟.

إلى جانب ذلك، دعا الدكتور الطراونة إلى ضرورة التزام الجهات الصحية والرقابية بتطبيق البروتوكولات الصحية العالمية المتبعة في هذا الصدد، مؤكدًا أهمية توفير اللقاحات والمطاعيم الضرورية للحماية من داء الكلب وضمان عدم تحول الكلاب الضالة إلى خطر حقيقي على الصحة العامة، مؤكدًا ضرورة تطوير برامج مستدامة لتعقيم الكلاب الضالة وتطعيمها، بما يسهم في الحد من انتشار الأمراض وتحقيق توازن بين حماية الصحة العامة وحقوق الحيوان.

من الناحية الأخلاقية، قال الخبير القانوني الدكتور صخر الخصاونة، إن هناك توازنًا يجب تحقيقه بين حقوق الإنسان في الأمن والصحة، وحقوق الحيوانات في المعاملة الإنسانية، فالأخلاق الإنسانية تطورت عبر العصور وصولًا إلى ظهور مبدأ "الواجب الأخلاقي نحو الكائنات الحية"، الذي ينص على أن كل كائن حي يستحق معاملة كريمة ومناسبة، بما في ذلك الكلاب الضالة.

وعلى الرغم من أن هذه الكلاب قد تشكل خطرًا على صحة وسلامة الإنسان، فإن التعامل معها بطرق عنيفة أو الإعدام العشوائي يتعارض مع المبادئ الأخلاقية التي تؤكد على قيمة الحياة بغض النظر عن نوع الكائن، والمجتمع الذي يضحي بحقوق الكائنات الأضعف بداعي الخوف أو القلق يصبح مجتمعًا يقوض مبدأ الرحمة والإنسانية، وفقًا للخصاونة.

إلى جانب ذلك، تعتبر الرحمة والرفق بالحيوان جزءًا من القيم الأخلاقية التي تم تكريسها في العديد من الثقافات والديانات، وفي الإسلام، على سبيل المثال، يعتبر الرفق بالحيوان مبدأً أساسيًا؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم حث على حسن المعاملة مع الحيوانات، وهذه القيم الإنسانية والعالمية تدعو إلى التعامل مع الكلاب الضالة بطريقة تحترم حياتها، من خلال برامج التعقيم والتطعيم بدلاً من اللجوء إلى التخلص منها بطرق وحشية.

الجانب القانوني

فيما يتعلق بالجانب القانوني، قال الخصاونة إن القوانين الوطنية والدولية تلعب دورًا محوريًا في تنظيم العلاقة بين الإنسان والحيوان، وضمان أن يتم تحقيق التوازن بين حماية المجتمع من المخاطر الصحية وحماية حقوق الحيوان، وعليه فإن هناك 3 مسارات يجب الالتفات إليها، وهي كما قال الخصاونة:

الحق في الحماية العامة

على الدولة التزام قانوني بحماية مواطنيها من أي تهديدات تمسّ سلامتهم، بما في ذلك العضات والهجمات التي قد تشكلها الكلاب الضالة، وإذا تسببت هذه الكلاب في إصابات أو أمراض خطيرة، مثل داء الكلب، فإن الدولة تُعد مُقصّرة في دورها إذا لم تتخذ التدابير الوقائية المناسبة، كالتطعيم والعزل أو إيجاد ملاجئ للكلاب الضالة، وهنا، نجد أن حماية حقوق الإنسان في الصحة والأمن واجب قانوني لا يمكن التنازل عنه.

القوانين الدولية لحقوق الحيوان

في المقابل، تلتزم الدولة أيضًا بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الحيوان، مثل "الإعلان العالمي لحقوق الحيوان" الذي صدر عن اليونسكو، والذي ينص على ضرورة حماية الحيوانات من المعاملة القاسية والضارة، وضمان أن يتم التعامل مع الحيوانات بطريقة إنسانية. الكلاب الضالة، بموجب هذا الإعلان، تعتبر كائنات ذات حقوق، ويجب أن تتم معاملتها بما يحفظ كرامتها ويمنع استخدام العنف ضدها.

التشريعات الخاصة بالحيوان

في العديد من الدول، بما في ذلك الأردن، توجد قوانين وطنية تحمي حقوق الحيوانات، وهذه القوانين تهدف إلى ضمان المعاملة الإنسانية للكلاب الضالة، وتفرض عقوبات على من يخالفها. على سبيل المثال، إذا تم التعامل مع الكلاب الضالة بطرق عنيفة أو غير قانونية، فقد تواجه الجهات المسؤولة محاسبة قانونية.

لكن هذه القوانين تواجه تحديات تطبيقية؛ فعلى الرغم من وجود تشريعات وطنية لحماية الحيوانات، فإن التطبيق الفعلي قد يكون محدودًا نتيجة قلة الموارد أو الوعي المجتمعي بحقوق الحيوان. وبالتالي، يتطلب الأمر من السلطات تطوير برامج متكاملة تشمل تشريعات أقوى وتطبيقًا أكثر فعالية، بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي بين المواطنين حول كيفية التعايش مع الكلاب الضالة دون الإضرار بها.

الحقوق المتضاربة بين الإنسان والحيوان

من الناحية القانونية، يبرز هنا مفهوم الحقوق المتضاربة. حق الإنسان في الأمان والصحة قد يتعارض مع حق الحيوان في الحياة والمعاملة الإنسانية، مما يخلق تحديًا قانونيًا يستدعي وضع قوانين توازن بين الطرفين. الحل القانوني الأمثل يكون عبر إجراءات وقائية تحمي الإنسان من مخاطر الكلاب الضالة دون المساس بحقوق الكلاب، مثل برامج تعقيم الكلاب الضالة، وإنشاء ملاجئ، وتطبيق سياسات تطعيم الكلاب للحد من انتشار الأمراض، وفقًا للخصاونة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير