البستنجي لـ"أخبار الأردن": هذا هو الهدف من الإخفاء المتعمد لتفاصيل استشهاد السنوار
قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إن الحديث الإسرائيلي عن استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار يمتلئ بالغموض والانتقائية، حيث تفتقر الروايات المتداولة إلى الدقة والمصداقية.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التركيز على استهداف السنوار يخفي وراءه تفاصيل أكثر تعقيدًا تتعلق بالاشتباكات العنيفة التي دارت في محيطه، وما نتج عنها من سقوط عدد من مرافقيه وربما بعض الرهائن أيضًا. وأكد أن هذا الإخفاء المتعمد للتفاصيل يهدف إلى تقديم صورة مبسطة وملطفة تهدئ من روع أهالي الرهائن في الداخل الإسرائيلي، كما يشي بمحاولة للالتفاف على الرأي العام.
وبيّن البستنجي أن استهداف السنوار لم يكن نتيجة عملية استخباراتية محكمة كما يحاول الإعلام الإسرائيلي تصويره، بل يبدو أن اكتشافه كان بمحض الصدفة. فالرجل، وفق المعلومات المتوفرة، لم يكن مختبئًا في أماكن بعيدة عن أعين العدو، بل كان في منطقة تل السلطان في رفح، وهي منطقة لا يُعتقد عادةً أنها تشكل خطرًا أو تشير إلى وجود قادة من هذا المستوى. وكان السنوار يتحرك بشكل حذر وذكي، مستخدمًا تكتيكات تواري معقدة، ولكن في النهاية، الصدفة وحدها قادت إلى كشفه. وأضاف أن هذا الكشف المفاجئ يقدم صورة مختلفة عن تلك التي حاولت الحكومة الإسرائيلية تقديمها، وهي صورة الانتصار المدروس بعناية.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينظر إلى هذا الحدث على أنه فرصة سياسية ثمينة يجب استغلالها لصالحه. كما أن الإعلان الرسمي عن استشهاد السنوار لم يُترك لجهة أمنية أو عسكرية، بل تم تأجيله ليقوم نتنياهو بنفسه بهذه المهمة، وهو جزء من محاولاته المستمرة لتعزيز صورته كقائد قوي يحقق انتصارات عسكرية وأمنية، خاصة في وقت حساس مثل هذا.
وقال البستنجي إنه من اللافت أن الإعلان عن استشهاد السنوار لم يأت بعد بشكل رسمي رغم الحديث المؤكد من قبل جهات إسرائيلية متعددة، مما يعزز فكرة أن هناك اعتبارات سياسية أعمق خلف هذا التأخير، حيث يسعى نتنياهو لجعل توقيت الإعلان جزءًا من استراتيجية إعلامية وسياسية محسوبة بدقة.
أما فيما يخص ملف الرهائن، فقد أصبح الوضع أكثر تعقيدًا وغموضًا بعد استهداف السنوار، إذ كان يُعتبر الشخصية الأبرز في مفاوضات الرهائن، واستشهاده يعني غياب صاحب القرار المباشر الذي يمكن أن يدير هذا الملف بحنكة سياسية وأمنية. وأكد أن هذا الفراغ القيادي سيؤدي بلا شك إلى تأخير أو ربما تعطيل مؤقت لأي مفاوضات حول الرهائن، مما يضع إسرائيل أمام تحدٍ كبير في إدارة هذا الملف الحساس. وإذا كانت القيادة الإسرائيلية قد حاولت من خلال استهداف السنوار إضعاف حركة حماس، فإنها في المقابل قد خلقت أزمة جديدة تتعلق بمصير الرهائن، الذين أصبح مستقبلهم الآن معلقًا، دون وجود شخص واضح أو جهة معروفة تستطيع التفاوض حولهم.
في سياق أوسع، فإن الافتراض بأن الحرب ستتوقف بسبب مقتل قائد سياسي أو عسكري هو اعتقاد خاطئ. فالحرب على غزة ليست مجرد معركة ضد حركة حماس وحدها، بل هي حرب شاملة تستهدف تدمير البنية التحتية لغزة ككل، وتهجير سكانها، ومحاولة تغيير الواقع الديموغرافي والسياسي للقطاع.