العلاقات الأردنية الكويتية.. ما سرّ التميّز؟

العلاقات الأردنية الكويتية.. ما سرّ التميّز؟

عوني الداوود 

التاريخ يشهد بأن العلاقات الأردنية الكويتية منذ نشأتها عام 1961 (استقلال الكويت) والى الآن وستبقى الى ما شاء الله، علاقات متميزة ومختلفة عن مثيلاتها من العلاقات بين الدول العربية وغير العربية، ولهذه العلاقة أسرار نشير الى أبرزها بمناسبة «زيارة الدولة» الكريمة والمهمة لسمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح الى الأردن بدعوة من أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني، وهذه الزيارة بالمناسبة في حدّ ذاتها لها دلالات مكانية وزمانية، أما المكانية (وأعني المكانة) فهي تؤكد كونها الزيارة الأولى لسمو أمير الكويت الى الأردن منذ تولي سموه مقاليد الحكم، وأول زيارة لدولة عربية من خارج اطار دول مجلس التعاون الخليجي.. تؤكد مكانة الأردن لدى الكويت ومكانة الكويت لدى الأردن.. وأما الزمان فهي تأتي في ظرف دقيق تمرّ به المنطقة بتطورات خطيرة يزيد من تداعياتها العدوان الاسرائيلي على غزّة وحرب الابادة التي تقترفها اسرائيل ضد الأهل في غزّة وضد الأهل في كل فلسطين، مما يستدعي مزيدا من التنسيق وتوظيف العلاقات والجهود والضغط نحو وقف لهذه الحرب الاجرامية وتوسيع ادخال المساعدات ومنع التصعيد وتوسيع رقعة الحرب، خصوصا بعد تبادل الضربات بين ايران واسرائيل، وتداعيات ما يجري عند باب المندب والبحر الأحمر. 

عودة إلى «سرّ تميّز العلاقات الأردنية الكويتية « والتي تحتاج الى شرح طويل أقتصره على أمرين هامّين هما: 

1 - وحدة الموقف المشترك، والدور الكبير للبلدين تجاه القضية الفلسطينية «تاريخيا»، فمواقف الأردن والكويت بدعم القضية الفلسطينية متواصلة مع تاريخ الكويت والأردن، ويعد موقفهما ودعمهما الأكثر تميزا وقوة ووضوحا -ليس فقط على مستوى القيادتين دائما - بل وعلى مستوى الحكومات والبرلمانات والمستوى الشعبي والاعلامي والأهلي من جمعيات ونقابات وغير ذلك، فالاردن والكويت تحتضنان القضية الفلسطينية «تاريخيا»، وهي القضية الأولى لهما في جميع المحافل العربية والعالمية.. ودور البلدين يزداد أهمية في هذه المرحلة التي تتفاقم فيها جرائم الحرب ضد الأهل في غزة وفلسطين، مما يتطلب مزيدا من التنسيق وتوظيف العلاقات نحو مزيد من الضغط الدولي لوقف هذه الحرب الاجرامية. 

2 - منهجية وطبيعة النظام في كلا البلدين متشابهة من حيث الدور الذي تقوم به كل من الكويت كمرجعية «حكيمة» في مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي، تولي أهمية كبرى لما يوحّد صف البيت الخليجي والعربي، ودور الكويت تاريخيا برأب الصدع والاصلاح بين الأشقاء مشهود عبرالتاريخ.. وكذلك الأمر بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية، فهي تاريخيا بلد «الوفاق والاتفاق» وهي مع أي دور «يجمّع ولا يفرّق» ومع وحدة الصف العربي، لذلك فالأدوار متشابهة، مما يزيد من قوة وأهمية الدورين الأردني والكويتي كلّما زادت المحن. 

3 - ترجمة ما ذكرته أعلاه تظهرأمامنا وتشهد به الأرقام التي تؤكد وتترجم عمق العلاقات سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا واجتماعيا.. وفي كافة القطاعات ومناحي الحياة، من الضروري الاشارة الى بعضها على النحو التالي: 

أ)- اقتصاديا: الكويت أكبر مستثمر عربي في الأردن بحجم استثمارات يصل نحو (20 مليار دولار). 

ب)- الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية دعم نحو (32) مشروعا بحجم تمويل يصل نحو (760 مليون دولار). 

ج)- أبرز الاستثمارات الكويتية في قطاعات: (البنوك-الاتصالات -التجزئه -الطاقة..الخ).

د)- دور كبير وداعم من الكويت في «المنحة الخليجية « بحجم نحو 1.25 مليار دولار.  

ه)- تعليميا وثقافيا: أكثر من (62) ألف أردني يعملون في الكويت بقطاعات متعددة في مقدمتها التعليم والصحة. 

و)- أكثر من (4 آلاف) طالب كويتي في الجامعات والمعاهد الأردنية.

ز)- سياسيا: بدأت العلاقات بين البلدين منذ 63 عاما (1961)، وأول سفير أردني للكويت في العام 1962. 

ح)- يرتبط الأردن والكويت بنحو (73) اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون في مختلف القطاعات والمجالات. 

ي)- اجتماعيا وإنسانيا: دعم كويتي للاجئين السوريين في الأردن، اضافة لتعاون وثيق بين الهلال الأحمر في كلي البلدين، وحضور مميز للجمعيات الخيرية الكويتية بمشاريع انسانية وخيرية في الأردن وفلسطين. 

ك)- عسكريا: تعاون كبير بين القوات المسلحة في البلدين باتفاقيات تدريب وتبادل خبرات وتعاون مشترك. 

* باختصار: لا يمكن الاحاطة بالعلاقة الأردنية الكويتية وعمقها وأسرار تميزها بهذه العجالة، لكنها بالفعل وبالشواهد تبقى «أنموذجا يحتذى» للتعاون العربي المشترك،

و«الأميز» والأقدر على مواجهة التحديات والخطوب بمزيد من قوة التنسيق والتكاتف والحرص على العلاقات المشتركة ومصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ولذلك ننظر بكل الطموحات والتطلعات نحو أهمية زيارة «الدولة» لسمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح والوفد المرافق لسموه، الى بلده الثاني الأردن، واللقاء مع جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني والبناء على هذه العلاقة المتيزة، فالمؤكد بأن قوة ومنعة الكويت والأردن قوة ومنعة لكليهما.. وللأمتين العربية والاسلامية.. وللقضية الأهم لديهما وهي «القضية الفلسطينية».


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).