غوش قطيف حلم في الاستيطان بغزة

 

منذ فك الارتباط عن غزة عام 2005 كانت فكرة العودة إلى مستعمرات غوش قطيف وهي -اكبر مستعمرة تضم ٢١  مستوطنة بين دير البلح ورفح تعرف باسم تجمع "غوش قطيف" الاستيطاني-    تراود بعض الجهات اليهودية المتشددة والغيبية، لكنها بقيت محصورة في دوائر ضيقة جدا لعدم واقعيتها واعتبارها فكرة عبثية أو مجنونة، لكنها عادت لتُطرح من جديد بعد ٣ سنوات من تنفيذ قرار فك الارتباط وكان وزير البناء والإسكان الإسرائيلي الأسبق أوري أريئيل، الذي يعتبر أحد قادة المجلس الاستيطاني "يشع"، تحدث عن إمكان العودة قائلا في مؤتمر للصهيونية الدينية "سنعود إلى غوش قطيف عاجلاً أم آجلاً".
 هذه المرة هناك تأييد أكبر بكثير مقارنة بما كان قبل الحرب على غزة، وسط تأييد علني واضح من وزراء ونواب كنيست".
وكشفت عمليات التوغل البري في قطاع غزة، التي باشر بها جيش الاحتلال بعد عشرين يوما من انطلاق عدوانه في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما يعتمل دواخل المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية من مخططات.

ومؤخرا تم تداول مقطع مصور لأحد جنود الاحتلال وهو يهتف داخل قطاع غزة: "سنكمل المهمة التي كلفنا بها. اغزُ واطرد واستقر".
ورصدت تصريحات لوزيرة الاستيطان الحالية أوريت ستروك قالت فيها إن العودة إلى "ناحية غزة" منوطة بعدد كبير من الضحايا، لكن لا شك في أنه في نهاية المطاف هي جزء من "أرض إسرائيل" وسيأتي اليوم الذي نعود فيه إليها، فيما لم يتوان وزير التراث ‎الإسرائيلي عميحاي إلياهو عن طرح فكرة شن ضربة نووية على القطاع للخلاص من أهله.
وقبل ذلك نقل عن ناطقة سابقة بلسان مجلس الاستيطان تدعى إميلي عروسي قولها، إن صور الجنود على خرائب مستوطنات "غوش قطيف" تثير في دواخلنا عاصفة وجدانية..

رئيس مجلس المستوطنات في الضفة يوسي داغان، قال: "نحن عائدون إلى غوش قطيف. الآلاف الذين جاءوا إلى هنا هذا المساء، بينهم وزراء وأعضاء كنيست، جاءوا لإحياء حدث مهم في عملية إصلاح شاملة لدولة إسرائيل. لقد ناضلنا معًا لمدة 16 عامًا من أجل تصحيح عار فك الارتباط والترحيل وتهجير المستوطنات".
وكالة وفا

نظم  ما يسمى مؤتمر "النصر والعودة إلى غزة من قبل  جمعيات استيطانية وأحزاب اليمين المتطرف الإسرائيلي في كانون الثاني/ يناير الماضي على أراضي القدس المحتلة، بمشاركة 12 وزيرا من حكومة الاحتلال، ونحو 14 عضو كنيست.

بن غفير وسموتريتش وكاتس وداغان، كان لمشروع إعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة نصيب الأسد من خطاباتهم أمام مئات المؤتمرين، واستخدموا لدعمه عبارات تحريضية رنانة، فيما نصبت يافطة فوق رؤوس الحضور كتب عليها: "الترانسفير وحده ما سيجلب السلام".

ووقع الوزراء وأعضاء الكنيست إلى جانب المشاركين عريضة "معاهدة النصر وتجديد الاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية"، بداعي أن ذلك وحده ما سيحقق "الأمن" لدولة الاحتلال.

وفي المؤتمر، عرض مخطط ينص على إقامة عدة بؤر استيطانية في قطاع غزة، إحداها في بيت على مشارف بيت حانون شمالاً، تحمل اسم "يشي"، وبؤرة أخرى باسم "ماعوز" تقام على الساحل الجنوبي لقطاع غزة، و"شعاري حيفل غزة" في خان يونس، وبؤرة مخصصة للمستوطنين الحريديين جنوب رفح تسمى "حيسد لألفيم".

ونشرت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شركة العقارات الإسرائيلية "جبال الذهب" إعلانين لمشاريع بناء استيطاني داخل قطاع غزة، الأول بعنوان "الآن وبسعر الاستفتاح"، والثاني "استيقظوا. بيت على الساحل. هذا ليس حلما"، وشمل على رسم هندسي ومخططات للبيوت المنوي بناؤها وبجوارها صور بيوت الفلسطينيين المدمرة.

و هناك مخططات قديمة ترعاها المؤسسات العميقة في دولة الاحتلال، أحدها تضمن فكرة الاستيلاء على المنطقة الممتدة من وادي غزة حتى شمال القطاع في إطار أي حرب قادمة شاملة تشن ضد قطاع غزة، بغية إخضاعها للسيادة الإسرائيلية وإقامة المستوطنات هناك...

قالت عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ من حزب "عظمة يهودية" ليمور سون هار ميلخ: "فرحتنا غير متناهية عقب التصحيح التاريخي، لكننا يجب أن نواصل المهمة حتى تكتمل".

هار ميلخ عضو الكنيست  في خطابها في اذار / مارس ٢٠٢٣ : "مهمتنا الآن هي ضمان استعادة المستوطنات الأربع التي تم إخلاؤها، ومهمتنا الأخرى هي العودة إلى تلك الموجودة في غوش قطيف وإعادة بنائها".

ولم يكن مؤتمر "النصر والعودة إلى غزة" الأول من نوعه الذي يعقد منذ انطلاق العدوان على قطاع غزة، فقد رصد عقد اجتماعين على غرار مشابه، أحدهما في مدينة أسدود في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، والتقت فيه مجموعة من المنظمات الاستيطانية تحت شعار "العودة إلى الوطن"، والثاني في 11  كانون الأول/ ديسمبر ونظم في تل أبيب بعنوان "الاستعداد العملي للعودة إلى غزة".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، جرى استبدال اسم صفحة على موقع فيسبوك من "العودة إلى غوش قطيف" إلى "العائدون لقطاع غزة"، علما أن الصفحة أطلقت في تموز / يوليو 2014، ويتابع محتواها أكثر من 10 آلاف شخص
وترجع القراءات طرح مشاريع رسمية لتهجير قطاع غزة وبناء المستوطنات إلى عدة عقود، حيث وفي عام 2010 اقترح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، توطين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء كجزء من تبادل الأراضي المتعلق باتفاق السلام.

وفي عامي 2012 و2014 أعاد نتنياهو اقتراح صيغ مماثلة، قوبلت جميعها بالرفض، وفي حزيران/ يونيو 2018، طرحت خطة لجيش الاحتلال تقوم على شن حملة عسكرية كبيرة تقسم قطاع غزة إلى نصفين شمالي وجنوبي، وتحتل أجزاء كبيرة منها لإحداث تغيير في الوضع القائم.
وفي عام 2019، دعا بن غفير إلى تسوية غزة بالأرض وإعادة بناء غوش قطيف.
وفي تموز/ يوليو 2022، كتب مرشح الصهيونية الدينية أرنون سيغال خلال إعلان حملته الانتخابية: "لقد حان الوقت لبدء التخطيط للعودة إلى غوش قطيف وإعادة بنائها".

المصدر: رامي سمارة ، وفا