ضائقة مالية تضرب مستشفى الجاردنز.. والضحية 180 موظفا
أنهى مستشفى الجاردنز في عمان، خدمات 180 موظفا من أصل 240 يعملون لديه، بسبب ضائقة مالية يمر بها، وفقا لمديره العام الدكتور فايز أبو حميدان.
وبرر أبو حميدان الضائقة المالية بتأخر التوقيع على بعض العقود وتدني عدد الحالات العلاجية ووجود عدد كبير من الموظفين مقارنة مع نسب الاشغال المتدنية في المستشفى.
وقال إن المستشفى لم يتمكن من دفع رواتب الموظفين لمدة 5 أشهر، ما دعا غالبية الموظفين إلى تقديم شكاوى بحقه لدى وزارة العمل، الأمر الذي ترتب عليه توجيه إنذار للمستشفى وتغريمه 500 دينار عن كل موظف لكل شهر يتعذر فيه دفع الأجور.
وأكد أبو حميدان إدامة العمل في الاقسام الرئيسية التي تشكل عصبا أساسيا لضمان سير العمل وهي الطوارئ، والانعاش، والعناية الحثيثة، والعمليات، والمختبر، والاشعة، والصيدلية، وغسيل الكلى، مشيرا إلى الإبقاء على 60 موظفا، وإبرام اتفاقيات مؤقتة لضمان عدم تقديم شكاوى بحق المستشفى، وضمان حق الموظف من الرواتب المستحقة واللاحقة.
وخاطب أبو حميدان وزارة العمل ليعلمها بإنهاء خدمات الموظفين لتعذر دفع الأجور بسبب الضائقة المالية، مؤكدا سعي المستشفى لتسوية حقوق الموظفين العمالية بما فيها الرواتب المستحقة وبدل الفصل التعسفي باقرب وقت ممكن.
ووفق كتب إنهاء الخدمات، فإن مالك المستشفى استند إلى المادة (28) من قانون العمل التي تُجيز لصاحب العمل فصل العامل بدون إشعار حال ارتكب واحدة من عدة مخالفات أوردتها المادة.
وطلب مالك المستشفى، في كتب الفصل، من الموظفين مراجعة دائرة الموارد البشرية لإجراء التسوية لمستحقاتهم.
فصل تعسفي
تقول إحدى المفصولات، التي كانت تعمل ممرضة في المستشفى، إن إنهاء خدماتهم بهذه الطريقة يُعتبر تعسفيا، لأن لا أحد منهم ارتكب أياًّ من المخالفات التي نصّت عليها المادة (28) من قانون العمل كما يدّعي مدير المستشفى.
الممرضة، التي طلبت عدم نشر اسمها، بينت أن مدير المستشفى سلّم كتب الفصل إلى جميع الموظفين والموظفات بين مقدمي خدمات صحية وغير صحية دفعة واحدة السبت الماضي، ما سبّب لهم صدمة كبيرة.
وتشير إلى أن سبب فصلهم بهذه الطريقة هو عدم مقدرة إدارة المستشفى على صرف رواتبهم الشهرية المتأخرة، بسبب الأزمة المالية التي يمر بها المستشفى.
ولم يتسلم جميع الموظفين في المستشفى رواتبهم منذ 5 شهور، ما دفع عددا كبيرا منهم إلى تقديم شكاوى لوزارة العمل.
وتؤكد الموظفة أنهم راجعوا دائرة الموارد البشرية لتسوية مستحقاتهم كما طُلب منهم، إلا أنهم لم يحصلوا على أي شيء، بسبب عدم توافر السيولة المالية.
من جهته، يقول موظف آخر إن الوزارة وجّهت إلى مدير المستشفى 5 مخالفات (غرامات مالية) لإجباره على دفع مستحقات الموظفين، لكن بدون جدوى، لعدم توافر السيولة لديه.
ويبين أن الوزارة اضطرت بعد ذلك إلى توجيه غرامة مالية لمدير المستشفى بقيمة 500 دينار عن كل موظف، نظرا لعدد الشكاوى الكبير التي وصلتها.
وبسبب هذه الضغوط من الوزارة، اضطر مدير المستشفى إلى إنهاء خدمات جميع الموظفين لكي لا يترتب عليه المزيد من الرواتب المتأخرة، واستند في كتب الفصل إلى المادة (28) من قانون العمل، لأنها المادة الوحيدة التي تُجيز لأصحاب العمل فصل العامل بدون إشعار.
وأكد أن مدير المستشفى تعهد بدفع مستحقات الموظفين كاملة فور تحسن الوضع المالي لديه، إذ يحاول حاليا بيع المستشفى فقط لتأمين مستحقات الموظفين.
ماذا يقول قانون العمل؟
يقول الخبير القانوني ومدير مركز بيت العمال حمادة أبو نجمة إنه في حال كانت أسباب إنهاء خدمات الموظفين تعود لظروف اقتصادية مر بها مدير المستشفى، فعليه أن يبلغ الوزير خطيا مُعزّزا بالأسباب المبررة لذلك قبل اتخاذ أي قرار بهذا الخصوص، وفقا للمادة (31) من قانون العمل.
وبناء على ذلك، يُشكل الوزير، وفق أبو نجمة، لجنة من أطراف الإنتاج الثلاثة لتقديم توصياتها بعد التحقق من سلامة إجراءات صاحب العمل، وبعد ذلك يُصدر الوزير قراره بشأن توصيات اللجنة.
ويؤكد أبو نجمة أن العمال الذين أُنهيت خدماتهم يتمتعون، وفقا للمادة نفسها، بحق العودة إلى العمل خلال سنة من تاريخ تركهم العمل في حال عاد العمل في المؤسسة إلى طبيعته وأمكن استخدامهم لدى صاحب العمل.
أما في حال كانت أسباب إنهاء خدماتهم لا تعود لظروف اقتصادية، كما ورد في كتب إنهاء خدمات الموظفين، فيحق لهم إقامة دعوى قضائية في المحكمة على صاحب المستشفى.
ووفقا للمادة (25) من قانون العمل، إذا تبين للمحكمة المختصة في دعوى أقامها العامل خلال ستين يوما من تاريخ فصله أن الفصل كان تعسفيا ومخالفا لأحكام قانون العمل، جاز لها إصدار أمر إلى صاحب العمل بإعادة العامل إلى عمله الأصلي أو بدفع تعويض له يُعادل مقدار أجر نصف شهر عن كل سنة من سنوات خدمة العامل وبحد أدنى لا يقل عن أجر شهرين، إضافة إلى بدل الإشعار واستحقاقاته الأخرى.
إلا أن الموظفين المفصولين في المستشفى قالوا إن قانون العمل لا يحفظ حقوق العمال في مثل هذه الحالات، سوى فرض غرامات مالية على صاحب العمل.
ويروا أن هناك ضرورة لتعديل قانون العمل بحيث يضمن حفظ حقوق العمال في هذه الحالات، وأشاروا إلى أن هناك بلدانا عربية تُلزم أصحاب المؤسسات الكبرى بتخصيص مبلغ معين يوضع بيد الحكومة، ولا يُستخدم إلا في حال الأزمات المالية ليُصرف منه رواتب الموظفين المتضررين.
بينما في حال تصفية المؤسسة أو إفلاس صاحب العمل، فإن على المُصفي أو وكيل التفليسة، وفقا للفقرة (ب) من المادة (51) من قانون العمل، أن يدفع للعامل فورا وبمجرد وضع يده على أموال صاحب العمل ما يُعادل أجر شهر واحد من المبالغ المستحقة له، وذلك قبل تسديد أي مصروفات أخرى بما في ذلك المصروفات القضائية ومصروفات التفليسة أو التصفية.
ويبين قانون الشركات الأردني لسنة 1997، في المادة (256) أنه عندما يتم حسم نفقات التصفية لأي شركة وتسديد ديونها، فإنه "يتوجب على الشركة بالأول تسديد المبالغ المستحقة للعاملين في الشركة".
حقوق الموظفين التأمينية في الضمان
بعد التأكد من أن جميع موظفي المستشفى مشتركون بالضمان الاجتماعي، يقول الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي إنه يُصرف بدل التعطل عن العمل للمؤمن عليه، وفقا لأحكام الفقرة (أ) من المادة (52) من قانون الضمان الاجتماعي، ثلاثة أشهر إذا كان عدد اشتراكاته بالضمان أقل من (180) اشتراكا، وستة أشهر إذا كان عدد اشتراكاته أكثر من (180) اشتراكا.
ويشترط لاستحقاق المؤمّن عليه بدل التعطل عن العمل أن لا يقل عدد اشتراكاته عن (36) اشتراكا قبل تاريخ استحقاقه لبدل التعطل وأن يكون له اشتراك واحد على الأقل في تأمين التعطل عن العمل، وأن لا يكون قد بلغ الـ60 عاما للذكر والـ50 عاما للأنثى.
ويحثّ الصبيحي الموظفين المفصولين (ممن لم يحظوا بفرصة عمل أخرى حتى الآن) على ضرورة التقديم على بدل التعطل، للحفاظ على استمرارية شمولهم بالضمان الاجتماعي.