في اقليم متسارع .. هل نملك ترف الوقت!
د. روان الحياري
في ظل تحديات وحسابات أمنية و سياسية معلنة وغيرمعلنة في إقليم تحدياته مستمرة و متسارعة نرى فيها أنفسنا اليوم أمام مرحلة مختلفة أقرب ما أن تفضي الى أزمة حقيقية تتطلب تحركاً لا مجال فيه للتردد أو اللامبالاة -ليس من دول الاقليم و حسب- بل من المجتمع الدولي كافة، لايجاد حلول واقعية لحفظ السلام و تحفيز التنمية، تحقق مصالح أمنية و سياسية و تنموية و إنسانية من خلال مشروعات استراتيجية لن تجدي فيها الحلول الأحادية. الاردن ببعديه الجيوسياسي و الديموغرافي في الاقليم جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة التي لازمت تبعات تحمله لمسؤولياته الانسانية لاعباء اللجوء و دوره كصمام أمان على مستوى الدولة و في الاقليم والمنطقة تاريخياً بالرغم من شح الموارد و الامكانات.
إنَّ ديناميكية التحالفات السياسية -الاقتصادية في العالم في ظل مساعي بريكس الى إفراز نظام اقتصادي عالمي جديد تتنوع فيه سلة العملات من خلال تكريس وجوده كمنافس جيوسياسي في العالم تعزيزاً لنفوذه الاقتصادي بقيادة أسرع خمس دول في النمو الاقتصادي، تتفاوت فيها أنظمتها السياسية وحجمها الاقتصادي ، تمثل ربع الاقتصاد العالمي وتضم أكثر من ثلاثة مليار نسمة، ما رشح عن بريكس-جوهانسبورغ من اعلان قبولها ستة طلبات انضمام رسمي من أصل عشرين هي الارجنتين و مصر و اثيوبيا و ايران و السعودية و الامارات أغلبها من دول الاقليم بشكل يوسع قاعدته ومعايره لخدمة مصالح الدول النامية بين دول الاقليم.
من جهة أخرى تبرز قمة العشرين الاخيرة في نيوديلي حضورعالمي لافت لمناقشة الملفات الأكثر إلحاحاً دولياً في مجالات السلام وتحقيق توازن نمو الاقتصاد العالمي ومجالات التنمية المستدامة واثار التغير المناخي والتحول التكنولوجي و البنية التحتية الرقمية و طروحات الممر الاقتصادي من الهند الى أوروبا وتغير وجهة النمو و الاستثمار في الاقليم و العالم ، استحقاقات تتنامى معها الاحتياجات السياسية والأمنية والإنسانية و تتطلب العمل ضمن مشروعات مستدامة أكثر من أي وقت مضى، و هنا تكمن فرصة و قوة الحكومات و حكومات الظل -أعني الاحزاب السياسية البرامجية- فتلك جميعها ملفات تحمل بطياتها فرص نفوذ و وجود، تحتاج بداية الى دراسة و مراجعة واقع الحال بشكل منهجي وعلمي و تحديد مواطن القوة و فرص التحسين والاستثمار للانطلاق الى فضاء رحب ببرامج واقعية تاخد بعين الاعتبار ترسيخ دور الاردن الريادي في المنطقة و ضمان تعزيز جانب أساسي من قوة الدولة الاردنية من خلال توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صناعة القرارات و توجيه السياسات الحكومية.
هنالك بدايات لمشروعات واعدة لكنها لن تكون مجدية اذا لم تتم مأسستها و تعميمها سواء ما يتعلق بالاستثمار في الطاقة النظيفة و الطاقة الشمسية خصوصاً ،في أرض هي الأفضل على الإطلاق في المنطقة ، وتجنيبه الضغط على موارد المياه الدافئة باتباع أحدث التقنيات العالمية -التي يمتلك الاردن كل معطياتها- ومجالات التكنولوجيا و فرص الاستثمار نحو تحقيق الأمن الغذائي الذاتي و محاولات فتح أسواق تجارية غير تقليدية تتطلب مراجعة السياسات والاتفاقيات الاقتصادية فنياً واقتصادياً و قانونياً ليكون الاردن بيئة استثمارية حاضنة و مصدرة وجاذبة ومستقرة تستثمر رأسمال البشري لتلبي الحاجات المستجدة عالمياً وتحتفظ بميزته التنافسية في الاقليم و العالم
فهل الجدر العازلة فقط اسمنتية ؟!