اقتصاد الشياطين

سميح المعايطة

 

حرب المخدرات القادمة من سورية لاتخص الأردن فقط رغم ان الأردن له خصوصية بسبب اختلاط المخدرات بالاستهداف الامني الذي تقوده ميليشيات طائفية تحمل أجندة وأهداف ايران في الإقليم، لكن المخدرات اليوم ليست محاولات تهريب تجاه الأردن ودول الخليج بل هو اقتصاد يصل مردوده السنوي وفق تقديرات موثوقة الى حوالي 6 مليارات دولار وربما تصل وفق تقديرات اخرى الى 8 مليارات دولار تعود على النظام السوري والميليشيات وتجار المخدرات وجهات اخرى.

 

اقتصاد الشياطين الذي اصبح من التحديات الأمنية والاجتماعية للأردن ودول عديدة امتد اثره الى دول أوروبية فميناء اللاذقية السوري يشهد محاولات كثيرة لتهريب وتصدير المخدرات والكبتاغون تحديدا الى دول أوروبية.

 

إنهاء محاولات التهريب للأردن والخليج والعالم عبر حدود سورية البرية والبحرين ليست امرا سهلا فالمردود المالي الكبير جدا اصبح من موارد الدولة السورية ومؤسسات مهمة فيها أي اصبح اقتصادا خاصا له مردود من العملة الصعبة اكبر مما تنتج الدولة السورية في مسارات اقتصادية اساسية خاصة في ظل ركود التصدير وقوانين العقوبات.

 

والامر الآخر الذي يخص الأردن ان محاولات التهريب لها بعد سياسي وامني لانخراط الحرس الثوري والميليشيات التي تتبعه في عمليات التهريب في محاولة لإزعاج الأردن أمنيا في ظل فشل ايران عبر عقود في اختراق الساحة الأردنية، اضافة الى قناعات لدى بعض الاوساط في الحكم في سورية ان تهريب المخدرات للأردن ودول اخرى عقوبة لهذه الدول على موقفها من النظام السوري في فترة الحرب.

 

وهناك عامل آخر وهو قناعة سورية وايرانية بأن ملف تهريب المخدرات ورقة سياسية للطرفين سواء للضغط السوري في ملف المساعدات من الخليج او اعادة الاعمار او ايرانيا للتفاوض حولها في ملفات الإقليم.

 

اقتصاد الشياطين الذي يصنع الكبتاجون بتكاليف قليلة ودون الحاجة الى وقت طويل أو بنية تحتية معقدة او مكلفة اصبح مصدر شر على الدول كلها، بل هو اليوم منتشر داخل المجتمع السوري لأن منتجيه لايهمهم إلا البيع وبأسعار رخيصة، وهو قصة سياسية وأمنية اصبحت من أوراق اجزاء مهمة من النظام السوري وميليشيات ايران الموجودة في سورية، وتحتاج الى حل لا يقل في تماسكه عن التحالف الذي أسقط ارهاب داعش فالأمر لم يعد مشكلة دولة واحدة.

الامر لم ليس كما هو ملف المخدرات في كل العالم تجار وشبكات تهريب بل هو نشاط سياسي وامني واقتصادي لسورية وايران وميليشيات، بل وورقة للضغط والابتزاز السياسي.