لماذا أصبح جسر عبدون مكانا مفضلا لمن يريد إنهاء حياته؟
بات جسر عبدون في عمّان يرتبط بشكل وثيق بحالات الانتحار أكثر من كونه معلما بارزا وتحفة معمارية في العاصمة.
وتقول إحصائيات غير رسمية إن أكثر من 400 شخص أقدموا على الانتحار من أعلى الجسر منذ البدء بإنشائه عام 2002، لكن الجهات الرسمية لم تصدر أي إحصائيات.
فلماذا بات الجسر الذي تم تدشينه عام 2006 مكانا مفضلا لمن يريد إنهاء حياته، وبات خبر انتحار شخص سقوطا من على الجسر الذي يرتفع 45 مترا خبرا شائعا في وسائل الإعلام؟.
آخر ضحايا الجسر المعلق فتاة تبلغ من العمر 19 عاما، عثر على جثتها تحت جسر عبدون في ساعات مساء الأحد الماضي.
وقال مصدر، إنه أثناء التحقيق مع عائلتها، تبين أنها كانت تعاني من حالة اكتئاب منذ فترة من الزمن، بعد أن تم تشخيص حالتها من قبل الأطباء.
والشهر الماضي استطاعت قوة أمنية إقناع شاب كان يهم بالانتحار من على الجسر، تم اقتياده إلى أحد المراكز الأمنية للوقوف على دوافعه لإنهاء حياته.
وقبل أسابيع ألقت فتاة عشرينية بنفسها من أعلى جسر عبدون تاركة خلفها رسالة نصية تشرح فيها أسباب اتخاذها هذا القرار، مشيرة إلى أنها حاولت التخلص من حياتها مراراً.
وكثيرا ما تنجح الأجهزة الأمنية في إقناع أشخاص بالعدول عن رمي أنفسهم من فوق الجسر، ويتم تحويلهم إلى التحقيق.
أخصائي الطب النفسي الدكتور وليد سرحان قال إنه في كل دولة مكان معين يقصده المنتحرون أو المهددون بالانتحار، وعلى سبيل المثال صخرة الروشة في لبنان وجبل قاسيون في سوريا.
وأضاف أن اختيار جسر عبدون جاء بسبب التسليط الإعلامي، وبهدف إحداث ضجة إعلامية بعد الموت، وإيصال رسالة احتجاجية للشخص المقصود وأصحاب العلاقة، مبينا أن الانتحار داخل المنزل لا يضمن شهرة قصة المنتحر.
ونفى سرحان أن يكون لطبيعة الجسر أو المكان أي تأثير على نفسية الأشخاص ودفعهم للانتحار، مؤكدا أن من يفعل ذلك يمتلك قرارا مبيتا بالانتحار، وقد خطط له مسبقا.
وأشار إلى أن البعض يذهب إلى الجسر من أجل التهديد فقط حيث يكون له مطالب ويريد إيصال صوته لتحقيقها، وبالتالي لا تكون محاولة انتحار فاشلة بل إنها تحقق هدفها.
يذكر أن عدد حالات الانتحار انخفضت في الأردن عام 2022 إلى 145 نزولا من 167 خلال 2021.
وبحسب مدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور ماجد الشمايلة فإنه من بين 145 حالة انتحار، أقدمت 36 فتاة وسيدة على قتل النفس فضلا عن ثلاثة أطفال في العاشرة من العمر أنهوا حياتهم بالشنق.
وتوزعت وسائل الانتحار بين الشنق (86)، والقفز من مرتفع (17)، واستخدام سلاح ناري (17)، والتسمم بالأدوية (8)، وتناول مبيدات حشرية (6)، والحرق (4)، واستنشاق غاز (3)، واستنشاق مواد كيميائية، الطعن الذاتي والغرق وجرعة مخدرات زائدة وقطع الأوكسجين.
وتُرجع دراسة أجراها معهد تضامن النساء الأردني - جمعية حقوقية مستقلة - دوافع الانتحار إلى عدة أسباب منها: المعاناة من الفقر والبطالة، والاضطرابات والأمراض النفسية، والمخدرات، والعنف الأسري.
وينص قانون العقوبات على الحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر، وبغرامة لا تزيد على 100 دينار (حوالي 140 دولارا)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من شرع في الانتحار في مكان عام، وتضاعف العقوبة إذا كان ذلك باتفاق جماعي.