ظاهرة تؤدي إلى إرباك أمني بمطار الملكة علياء

شهد الأردن هوساً لافتاً بعمليات التجميل خلال الأعوام الأخيرة، تسبب بإحداث إرباك أمني في المطارات بسبب الفشل في مطابقة هوية كثير من المسافرات مع صورهن على جوازات السفر.

ووسط إقبال على إجراء عمليات التجميل على رغم تزايد حالات الوفاة والأخطاء الطبية الناجمة عن بعضها، يسهم بريق الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير شكل الأردنيين يوماً بعد آخر في ظاهرة ظلت إلى عهد قريب حكراً على المشاهير.

ومنذ أعوام أخذت عمليات التجميل طريقها إلى الأردنيين من الجنسين، وأصبحت على رغم كلفتها الباهظة في متناول يد الجميع بعد أن طاولتها عروض التقسيط، فيما تقول تقديرات غير رسمية إن حجم إنفاق الأردنيين على هذه العمليات قارب الـ 350 مليون دولار خلال الآونة الأخيرة.

تقليد للمشاهير

ويفسر اختصاصيون اجتماعيون أسباب انتشار عمليات التجميل حتى بين فئات عمرية صغيرة مثل طالبات المدارس الثانوية والطالبات الجامعيات بكثير من العوامل، ومن بينها ارتفاع الوعي بأهمية المظهر الخارجي ودوره في التأثير في حياتهم المهنية والاجتماعية، والرغبة في الحصول على جسد مثالي أو قوام رشيق مع الشعور بالثقة والرضا، فضلاً عن وفرة المراكز الطبية التي تقدم خدمات عمليات التجميل وتتنوع من حيث الكلفة والتقنيات المستخدمة، إذ أصبح الأردن وجهة مفضلة للسياحة العلاجية وواحداً من الوجهات الرئيسة في الشرق الأوسط لعمليات التجميل.

لكن العامل الأبرز وفق هؤلاء هو محاولة تقليد المشاهير والتأثر فيهم وبمظهرهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

إرباك أمني

ويقول عاملون في مطار الملكة علياء لـ "اندبندنت عربية" إن هذه الظاهرة أدت إلى إرباك تمثل في زيادة جرعة التدقيق الأمني في المنافذ الحدودية بشكل أطول من المعتاد بخاصة تجاه السيدات، إذ يقفن أمام العناصر الأمنية لختم جوازات سفرهن مع وجود اختلاف كبير بين مظهرهن الحالي والصورة المثبتة في جوازات السفر.

أسهم الرجال تقفز في بورصة التجميل
وتصدر السلطات الأردنية جوازات السفر بصلاحية تمتد إلى خمسة أعوام، وتشترط للحصول على جواز سفر جديد صوراً شخصية حديثة، لكن كثيراً من عمليات التجميل تغير الملامح مما يجعلها مختلفة تماماً عن الصورة في وثيقة السفر.

وعلى رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطن الأردني من ثبات الأجور وزيادة البطالة والفقر، إلا أن عيادات التجميل تشهد إقبالاً كبيراً وبخاصة عمليات الوجه والأنف والشفاه، وإزالة التجاعيد وشفط الدهون بكلفة تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار.

ووفقاً لتقديرات غير رسمية فقد شهد الأردن نمواً كبيراً في عدد عمليات التجميل خلال العام الماضي بنسبة 20 في المئة مقارنة بالأعوام السابقة، وتحديداً عمليات شد الوجه وتجميل الأنف التي تعتبر أكثر العمليات شيوعاً.

ويرصد أطباء متخصصون ارتفاع الطلب على إجراء عمليات التجميل بعد جائحة كورونا وخلالها لاستغلال فترة الشفاء الطويلة، وبسبب ما فرضته الظروف آنذاك من العمل داخل المنازل.

إقبال ذكوري

ولم يعد الأمر مقتصراً على الإناث، إذ تشهد مراكز التجميل إقبالاً من الذكور أيضاً سعياً إلى تحسين مظهرهم العام، وهو ما تحول إلى هوس لديهم بعد ارتفاع عدد مراجعي مراكز التجميل من الرجال إلى 15 في المئة للحصول على قوام مميز أو خفض الوزن أو تجميل الأنف ومعالجة التجاعيد وزراعة الشعر.

ويحلو لطبيب الأمراض الجلدية والتجميل حاتم واكد وصف ما يحدث حالياً في الأردن بأنه بيع للوهم، فغالبية الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي في رأيه غير واقعية وغير علمية وتعد اللاهثين وراء الكمال بنتائج غير حقيقية.

ويضيف واكد، "كثير من الأجهزة التي يروج لها بأنها تفعل المعجزات نتائجها أقل من عادية، مثل جهاز نحت الجسم وتكسير الدهون، إضافة إلى عدم الصدقية في ما يخص مدة العلاج التي تأخذ في كثير من الأحيان شهوراً طويلة لتظهر نتائجها".

 ويؤكد استشاري جراحة التجميل الدكتور محمود البطاينة أن أكثر العمليات التجميلية التي تشهد إقبالاً من الأردنيين هي تجميل الأنف يليها شفط الدهون وشد البطن، ولا سيما عمليات الفيلر والبوتكس، مشيراً إلى إقبال الرجال خلال الفترة الأخيرة على إجراء تجميل الأنف أيضاً.

أما استشاري جراحة التجميل والترميم معتز الكرمي فيقول "إن عالم جراحة التجميل واسع ومتداخل وفي حاجة إلى ذائقة جمالية من الطبيب"، مشيراً إلى أن توظيف التكنولوجيا أسهم في الإقبال عليها وتحسين نتائجها.

ويشير الكرمي إلى أن بعض زبائنه من النساء يطلبن شكلاً معيناً مشابهاً لملامح فنانة مشهورة، وأخريات يحضرن صوراً للمشاهير.

ووفقاً لأحدث الإحصاءات تقول "غرفة صناعة الأردن" إن الاستهلاك الكلي لمستحضرات التجميل في الأردن بشكل سنوي يقارب الـ 400 مليون دولار.